شاكر
لعيبي
قبل
عقد من
الزمان،
عندما كان
الصحفي يواجه
الشاعر
بأسئلة، فقد
كان قد تزوَّد
بالقليل من
المعرفة عنه
وقرأ نتفاً
علي الأقل من
أشعاره وما
كُتب عنه. لا
حاجة لنا بذلك
كله اليوم. ففي
عصر
الانترنت،
يكفي أن
يتواصل شخصان
عبر المرسال (الماسنجر)
لكي يقوما
بإجراء حوار
يمكن نشره
لاحقاً في
الصحافة
العربية. لا
حاجة لقراءة
الشاعر البتة.
سندعه يقول ما
في جعبته،
ويُناثر
الحقائق
والأباطيل عن
نفسه كما
يشتهي. ثمة (خفة)
وثمة (ميوعة)
اليوم لا
تفسَّر فحسب
هبوط قيمة
الحوارات،
إنما تفسِّر
كذلك السبب في
مرور القرّاء
عليها بسرعة.
هذا إذا كانت
مفهومة (القراء)
ما زالت
محتفظة
بمعناها
المعروف.
لقد
دخلنا عبر
الانترنت في
عصر (الافتراضي)
العالم
الافتراضي،
والشاعر
الافتراضي،
والقارئ
الافتراضي،
وكل ذلك
بالمعني
العربي الذي
تلقف (فرضية
الافتراضي)
بذات الخفة
أعلاه وفيها
يتحول العالم
إلي (وهم)
والمعرفة إلي
إكسسوار. لا
يحتاج
المحاور
والمتحاوَر
معه كما يبدو
إلي المعرفة،
فهما كلاهما
مزودان (بالوهم)
حتي بصدد
تقنية
الاتصالات
الجديدة
نفسها التي
يُساء
استخدامها
بطريقة
مذهلة، بدءاً
من هجوم (الهاكرز)
الداخلين
مجاناً علي
خدور الفتيات
العربيات
وانتهاءً (بمجاميع
الحوار) التي
لا ضرورة لها
البتة في
الشبكة
العربية
لأنها،
باسم
الحرية، تقول
كل شيء ولا
تقول شيئاً في
نهاية المطاف.
زبدة
هذه المقدمة
هي أننا سبق
لنا وأن
أجرينا بعض
الحوارات عبر
الانترنت،
ولم نجد ضيراً
بذلك طالما أن
المحاوِر
والمُتَحاوَر
معه كانا
يتبادلان
معرفة ما، سوي
أنه في شروط (الافتراضي)
الموصوفة
التي تحكم
الغالبية
المطلقة من
مستخدمي
الانترنت فإن
المشكلة
تتعقد: الآخر
المُتاح بهذه
السهولة،
والمُقال
بهذه السهولة
والناشر
أعماله
وكلامه بهذه
السهولة يجري
التعامل معه
بسهولة مريبة
مماثلة،
الشاعر نفسه (أي
منجزه) لم تعد
من حاجة إليه،
صورته وحدها
تكفي ومجرد
الدردشة حول (الكلام)
يرضي جمهرة
المستخدمين.
هكذا
يبدو أن
القارئ
العربي الذي
لا يقرأ قد
استعاض
نهائياً عبر
الانترنت عن
عملية
القراءة بما
يشابهها. ذلك
أنه برغم وفرة
المواد
والمقالات
والمعارف
المتيسرة
أمامه
ظاهرياً،
فإنه لا يجد
الوقت الكافي
لقراءة ذلك
كله، معتقداً
أن مجرد
تقليبه
والمرور عليه
كاف لتكوين
المعرفة.
القراءة
نفسها تصير
وهماً لدي
مستخدمينا
الذين لا
يطالعون من
المقالات
المنشورة علي
الشبكة
الإلكترونية
إلا، ربما،
عناوينها.
مسرحة
الثقافة
الثقافة
نفسها كما
يبرهن هذا
الحوار يمكن
أن (تُمَسْرَح).
فهو يُمكن أن
يُقرأ بوصفه
فصلاً من
مسرحية
تراجيدو ــ
كوميدية عن
علاقة الشاعر
بالقارئ
العربي في هذه
اللحظة. فصل في
قمة الصدق
والبراءة
والعفوية
التي لا تنقص
الكثير من
الأعمال
المسرحية
الأكثر شعبية.
البطلان
يقدّران بل
يحبان بعضهما
بعمق، لكنهما
غير قادرين
علي التواصل،
ذلك أن كليهما
ينظر إلي
الحياة
والثقافة
والشعر
بطريقة
مختلفة
جذرياً. ألا
تقع في ذلك بعض
من أصول
التراجيديا
الصافية؟ لقد
كانا يمنحان
بعضهما،
كصديقين
حميمين
افتراضيين،
وقتاً طويلاً
ليس من أجل
التفاهم ولكن
لصالح سوء
التفاهم، ليس
من أجل
المعرفة لكن
من أجل
الافتراضي.
افتراضاهما
مختلف تمام
الاختلاف.
وهنا نص
الحوار
الطليعي
الفاشل.
قارئة:
سيدي انتهيت
من وضع أربعة
أسئلة. ماذا
نفعل؟
الشاعر:
تطرحينها؟
كما تشائين.
وإذا كانت لا
توجد رغبة
اليوم، فإلي
يوم آخر.
قارئة:
الشعر بلا شك
هو فن من
الفنون
والشاعر يرسم
بالقلم لوحته
الشعرية
مستخدما
أغراضاً تفي
بالرسالة
التي يود، هل
برأيك يقيَّم
الشعر
باستخدام
أدوات خاصة؟
الشاعر:
هذا هو
السؤال؟
قارئة:
ما عجبك
السؤال؟ طيب
انسه.
الشاعر:
لا، إطلاقا.
لكن أتساءل
بدوري، فهو
سؤال عريض.
قارئة:
طيب، أنا أود
التساؤل
دائما عن
موضوع محدد.
الشاعر:
مثلا؟
قارئة:
لماذا يحجم
شعراء العصر
الحديث عن
الكتابة في
القضايا
الوطنية أو
الوجدانية؟
ولماذا لا
يحاولون
التطرق
للقضايا
الاجتماعية
مثلاً.
الشاعر:
من قال لك ذلك؟
لكن المشكلة
هو كيف تـُكتب
هذه القضايا
شعراً...
قارئة:
مثل الطبقات
الاجتماعية.
طيب، صياغة
السؤال جيدة؟
الشاعر:
صياغة السؤال
هي جذر
المشكلة..
لكننا لسنا
أمام سؤال بل
أمام تفارق
جوهري في فهم
القضية. وهنا
تصعب الإجابة.
أظن أن السؤال
يجب أن يكون
محددا.ً
قارئة:
أظن أننا يجب
أن نضع
الأسئلة الآن
وأنت تجيب
عليها بهدوء.
وسأرسلها
لاحقاً.
الشاعر:
أوافق لكن
قبلها يجب أن
اعرف أية
أسئلة لأنني
لن أجيب علي
أسئلة عريضة.
قارئة:
نعم يعني تريد
أسئلة محددة
تحديدا.
الشاعر:
أريد أن أجيب
عن أسئلة
تتعلق
بمشروعي
الشعري
والفكري
تحديدا. لذلك
اقترحت عليك
أن تقرئي لي
بعض نصوصي في
موقعي.
قارئة:
يعني عنك
تحديدا...
الشاعر:
لا.. ليس عني.. بل
عن مشروعي
وهذا فارق
كبير.
قارئة:
نعم. إذن كان
يجب أن أبحر في
موقعك علي
الانترنت..
الشاعر:
وذلك أن
مشروعي قد
يلتقي
بمشاريع
الآخرين من
باب مهم..
قارئة:
لقد حاولت أن
أقرأ أشياء في
موقعك، لكنني
اصطدمت بمادة
فيه عن
الشاعرــ
الرسام...
الشاعر:
مشروعي هو ما
أستطيع أن
أتكلم عنه،
تحديدا عنه.
قارئة:
ولكن أنت شاعر.
أريد التحاور
مع الإنسان ــ
الشاعر، وعن
مشروعه. وعن
هذا السقوط
إلي أعلي إن
جاز التعبير
بالأدب
العربي.
الشاعر:
تقصدين
ستطرحين عليّ
أسئلة من قبيل:
ما هو رأيك
بالمرأة؟
بالقضايا
المصيرية؟
بالمثقف؟
بالعلاقة مع
الغرب؟ الخ
قارئة:
لا... لا......لا
مرآة ولا
امرأة
الشاعر:
هذه قضايا
عامة أنا
امتلك،
شخصياً،
وجهات نظر
عنها وما أزال
اكتبها منذ
ربع قرن.
قارئة:
رائع...
الشاعر:
وجهات نظر
الذي نتحاور
معه هي التي
يتوجب أن
نستنطقها في
الحوارات،
يجب إذن أن
نعرفها.
قارئة:
تقصد أنك
تستحضرها في
سياق الحوار؟
الشاعر:
أن طرح سؤال
عليّ بشأن (قصيدة
نثر بقافية) لن
يعني شيئا،
إذا كان
محاوري لا
يعرف ما هي هذه
القصيدة كما
أحاولها وإذا
لم يطـَّلِع
علي نماذجَ
منها. عبر هذه
القصيدة فحسب
يمكن أن أجيب
عن مشكلات
الشعر
الأخري، لان
أي كلام عام هو
كلام خطير...
وكلام
متفوقين قبل
الأوان ولست
منهم إلي حين...
قارئة:
أنا أتطلع إلي
حوار مميز.
الشاعر:
نعم.. وأنا
كذلك.
الشاعر:
ألا تظنين
أننا بحاجة
إلي انتباهات
عميقة لما
يقوم به
المثقفون
والشعراء؟
قارئة:
نعم فهمت.
الشاعر:
نحن شبعنا من
الكلام العام.
قارئة:
نعم صحيح.
الشاعر:
وهو مصيبة
الثقافة
العربية التي
يتناسل فيها
كل لحظة من
يتقن قواعد
الكلام العام
في الصحافة
والإعلام
بحيث انهم لا
يعتقدون بان
هناك بشرا
لديها مشروع
آخر غير
مشروعهم
اللفظي.
قارئة:
نعم. قلت لي
سابقا أن
المثقف
العربي لا
يختلف عن
المواطن
العربي .. ماذا
تعني بذلك؟
الشاعر:
كنت أتكلم عن
المثقف
العربي
السائد
والرائج، ولا
أتكلم عن مثقف
يحترم نفسه
وهم قلة القلة
اليوم وشرفنا
وضميرنا
المستتر.
قارئة:
أدرك تماما ما
تقوله. إذاً
هناك طبقات
لنقل من
المثقفين كما
ذكرت أنت في
مقالة عن (طبقة
القراء)..الصحافة
والإعلام
اليوم هي
مسيـَّرة لا
موجـِّهة.
الشاعر:
نعم... لكن جميع
الطبقات الـ 12
التي ذكرتها
بسخرية هي
طبقات سلبية
لا تقرأ
بالفعل إلا
بطريقة
مخادعة.. إنها
لا تقرأ في
الحقيقة ولا
تنتبه للأثر
المكتوب كما
يتوجب
الانتباه..
قارئة:
يا سيدي هناك
لائحة
بالمركز
الثقافي
العربي في
باريس، هل
قرأتها؟
الشاعر:
الصحافة
والإعلام هي
وجهنا
الكارثي
المألوف لكن
بطبقة سميكة
من المكياج
اللغوي.
قارئة:
أصبت، صحيح.
الشاعر:
أريد أن نخرج
من ذلك، وأن
يسألني الذي
يقوم
بالمقابلة
عما أفعل
بالفعل.
قارئة:
أريد أن أسلط
الضوء علي
الصحافة
والإعلام في
الفضائيات..
الشاعر:
تفضلي...تفضلي
سلطي الضوء....
قارئة:
الصحافة
العربية
والإعلام عبر
الفضائيات
تستغفل
الإنسان
العربي بكل
المقاييس، هل
هي سياسة
تعتمد
التجاهل.
التجاهل أم
التجهيل؟
الشاعر:
الاثنان معا.
قارئة:
تستغفل.. لماذا
برأيك؟
الشاعر:
لأنه لا يمكن
أن تقوم صحافة
وفضائيات
أخري طالما أن
الوعي العام
في غيبوبة
والشارع
العربي
ومثقفيه في
غيّ من أمرهم..
ولا تعنيهم
إلا مصالحهم
الضيقة.
الإعلام جزء
من التكوين
الثقافي
العام الذي لا
تصنعه
السلطات فقط
وإنما يصنعه
المواطنون هم
أنفسهم.
المواطن
العربي منسحب
من اللعبة علي
أساس أن قدرة
السلطة
تتجاوز وتقمع
إرادته، وفي
هذا شيء من
الصحة لكن فيه
كثير من الكذب.
قارئة:
لكن إنسان
الشارع
البسيط يملك
وعياً افضل من
تلك الوسائل.
خذ مثلا الطفل
الفلسطيني
الآن يعي كل ما
يجري ويعرف ما
يريد بالضبط.
الشاعر:
السلطة لا
يمكن أن تقمع
المواطن
عندما يريد
اعتبار
الحديقة
العامة شأنا
شخصياً من
شؤونه.. وان
يقوم بحملة
دعاية لتنظيف
دوائر عمله..
حتي هذا الفعل
البسيط لا
يقوم به
المواطن
العربي . انه
منسحب من
الحياة... ومن
الإعلام ومن
كل شيء..
قارئة:
هل أنقل
الإجابات
هذه؟
الشاعر:
لا... هذه ليست
إجابات هذا
حوار شخصي
بيني وبينك.
قارئة:
طيب.
الشاعر:
إنه حوار عام
مرة أخري وفيه
(فشة خلق)..
الثقافة ليست (فشة
خلق)..
قارئة:
لنعد صياغة
السؤال:
الصحافة
العربية
والإعلام عبر
الفضائيات
تستغفل
الإنسان
العربي بكل
المقاييس ، هل
هي سياسة
تعتمد
التجاهل، هل
صياغة السؤال
جيدة؟
الشاعر:
تتجاهل ماذا؟
الشاعر
رئيس (عصابة)
قارئة:
بالمناسبة،
لك الفضل
بإقحامي بهذا
المجال.
وسأذكر لك ذلك
إذا صرت رئيس (تضحك)
عصابة.
الشاعر:
(يضحك).
قارئة:
تتجاهل وعي
الإنسان
العربي.
الشاعر:
طريف أن
المرأة
العربية
تتكلم
بالمذكر
فتقول (رئيس
عصابة) ولا
تقول (رئيسة
عصابة)
قارئة:
أنا ترجمتها.
الشاعر:
هذا يدل علي
ثقل الوعي
الذكوري في
اللغة نفسها.
قارئة:
أحيانا أفكر
بلغة أجنبية
واكتب
بالعربية.
الشاعر:
نعم.
قارئة:
وهذه مشكلة
أواجهها.
الشاعر:
ليست مشكلة
علي أية حال..
العصابة
تحتاج إلي ذكر
وليس إلي
أنثي، كما
اعتقد.
قارئة:
تعرف أنا لا
أؤمن أبدا أن
هناك فرقاً
بين رجل
وامرأة،
ولربما أواجه
صعوبة
بالتعامل مع
الناس من هذا
المنطلق.
الشاعر:
هناك فرق. هل
تعتقدين أنه
لا يوجد فرق في
أي مكان؟ في
السرير مثلا؟
قارئة:
الفرق
الفسيولوجي
لا يعني شيئا.
أقصد لا يتميز
الرجل ويتفرد
بمجرد كونه
رجلاً.
الشاعر:
المساواة لا
تعني التعادل.
قارئة:
أنا لا أسعي
إلي المساواة.
الشاعر:
المساواة
ليست تعادلا
رياضياً.
قارئة:
أنا أسعي إلي
التعادل.
التعادل في
تكافؤ الفرص،
التعادل في
المعاملة،
هناك نص في
القرآن
الكريم نفسه
يقول ما معناه
أن لهنَّ مثل
الذي عليهن.
الشاعر:
مشكلة تكافؤ
الفرص مشكلة
يعاني منها
الرجال في ما
بينهم... لم
تمنح لي
الفرصة التي
تمنح لسيف
الرحبي مثلا..
قارئة:
إذن لا يوجد
العدل، لأنك
رجل ولأني
امرأة.
الشاعر:
لا يوجد عدل في
العالم، خاصة
في (الراهن)،
العدل يجيء
فيما بعد. هذه
هي شرعة
الحياة.
قارئة:
هذه شريعة
الغاب، وليست
شريعة وسنة
الحياة.
الشاعر:
كلا.. أظل أؤمن
بما قلته وهو
ما يحكم
العالم في
الغالب مع
تحسينات
جوهرية هنا
وهناك.
قارئة:
ولكن هنا نحن
نعاني من ذلك
أكثر من أي
مكان آخر في
العالم. انظر
إلي وضعي أنا
مثلا..
الشاعر:
بسبب عدم وجود
عدالة يسعي
الشعر إلي
الحقيقة
والعدالة..
ولذلك لا
يقرأه إلا
القلة اليوم
في العالم
العربي الذي
تغيب عنه بشكل
مأساوي
الحقيقة
والعدالة.
قارئة:
من قال إن
الشعر يسعي
إلي الحقيقة
والعدالة؟
الشاعر:
أنا أقول.
قارئة:
من منطلق ما
تكتب أنت ولكن
اقرأ لغيرك
الذي إذ كتب
أصلا فإنه
يكتب من منطلق
ممارسته، وهو
لا يمارس ما
يؤمن به.
الشاعر:
لماذا يوجد
مثلا في شعر
غيري اللا
حقيقة واللا
عدالةً؟
أتكلم دائما
عن الشعر
الجيد... الشعر
هو الجيد .. غير
الجيد ليس
بشعر أصلاً.
قارئة:
وكيف نميزه؟
الشاعر:
هذا سؤال عريض
آخر.. المعرفة
تحتاج إلي
دربة ومعرفة ..
وهو ليس شأننا
في هذا الحوار
السريع،
الشعر الجيد
مثل الغناء
الجيد يحتاج
إلي عارف
بشؤونه.
قارئة:
لا.. نحن
نتحاور ما
بيننا.
الشاعر:
نعم الحوار في
ما بيننا الآن.
قارئة:
أتريد أن نعود
للحوار الذي
سينشر؟
الشاعر:
لا أريد حوارا
عريض الملامح...
تمنيت أن
تقرئي بعض
مقالاتي، لكي
تحاوريني
حولها أو حول
بعض قصائدي
المنشورة.
قارئة:
قرأت مقالتك (الشاعر
الكبير
والشاعر
الصغير)، قرأت
قصائدك التي
نشرتها، قرأت (طبقة
القراء)،
وقرأت
مجموعتك
الشعرية (الحجر
الصقيلي)..
الشاعر:
لا... (طبقات
القراء)
بالجمع،
عنوان المقال
هو: (مستويات
القراءة
وطبقات
القراء).
قارئة:
طيب طبقات
القراء.
الشاعر:
نعم
قارئة:
عندي، محتفظة
بها.
الشاعر:
أشكرك جداً.
قارئة:
وقرأتها.
الشاعر:
نعم
قارئة:
وأرسلتها
الآن. من خطأ
المعدين
للحوارات
انهم لا
يقرأون شيئاً
لمستضيفيهم.
الشاعر:
بالضبط.
قارئة:
أنا قرأت عنك
ولكنني أنسي
كل شيء الآن،
لا اعرف لماذا.
ولا استحضر أي
سؤال مع إني
توقفت كثيرا
عند قصيدتك (عربي
علي دراجة
هوائية
)..
الشاعر:
هذه قصيدة
طويلة، ونشرت
بأكثر من مكان
من دون علمي.
قارئة:
نعم أنا نشرتُ
مقطعا منها
علي ما أظن.
الشاعر:
تفضلي أقرئي
الآن هذه
المقالة التي
ربما تهمك عن
القضية
الفلسطينية
في الشعر
العربي
المعاصر..
(الشاعر
يمد القارئة
بنسخة من
مقالته:
القصيدة
المستحيلة،
عن القصائد
المكتوبة عن
محمد الدرة)
الشاعر:
هنا مثلا واحد
من مقالاتي
التي كنت
أتمني أن
تقرئيها ولم
تفعلي لأنها
ربما كانت في
حقل
اهتماماتك
الثقافية.
قارئة:
طيب المشكلة
انك ناقد أدبي
أيضا.
الشاعر:
لا أنا لست
ناقدا أدبيا،
أنا شاعر يفكر...
قارئة:
والشاعر الذي
يفكر هو ناقد
يا سيدي.
الشاعر:
وعندما يفكر
الشاعر
وبطريقة
منهجية
فالمشكلة
تصير عويصة
معه، لذلك
يطلقون اليوم
علي أدونيس
المفكر.
قارئة:
ما معني
برانيين في
هذه المقالة ؟
الشاعر:
خارجيين.. من
برة.. من
الخارج.
قارئة:
هل هي كلمة
فصحي؟ ها هي
عبارتك لكي
تستوقفهم
مرارة مشاهد
العالم
الخارجي
القاسية. إنهم
يتوقفون
للكتابة عن
ذلك كأشخاص
برانيين...
الشاعر:
نعم فصحي، كل
كلامنا
العامي، عدا
الدخيل، هو من
الفصحي.
قارئة:
ما تقوله
بمقالك رائع.
الشاعر:
لكنك لم
تتوقفي أمامه
سابقا برغم
رجائي الحار.
قارئة:
ولكن هل معني
ذلك أن يسكت
الشاعر في
أمريكا
والكاتب في
هولندا..هذه
أول مرة ترسله
لي. تقول فيه
كذلك النوايا
لوحدها لا
تكفي في
المشهد
الفلسطيني
حيث تختلط
قضية الأرض ....
الشاعر
(مقاطعاً): انه
موجود في
موقعي الذي
أرسلت لك
عنوانه اليوم
برغم انك
تعرفينه جيدا
قبل ذلك.
عمي
ألوان
قارئة
(بسخرية): لقد
أصابتني عقدة
بسبب الشاعر
ــ الرسام
وطلع لي عمي
ألوان.. عميت
عيوني.
الشاعر:
(يضحك) ثم
بصفتك امرأة
هل قرأت لي (مقالة
عن العطور
القوية).
قارئة:
لحظة. ما زلت
اقرأ
والمشكلة إني
اقرأ وأتفاعل
وأفكر (تقرأ):
فلسطين نفسها
نادراً ما
شهدت نصاً
عربياً يرقي
إلي مستوي
آلامها ..
بلاغة رهيبة
لم يرتق الفكر
العربي إلي
مستوي
التضحيات .
الشاعر:
أنت إذن لا
تعرفين
الجانب
العربي
والفلسطيني
بشكل خاص في
داخلي...
قارئة:
بلي، أنا اعلق
علي المقال.
لكن لم تجبني.
الشاعر:
عن ماذا
أجيبك؟
قارئة:
علام يدل عدم
ارتقاء الفكر
العربي إلي
مستوي عطاءات
الدم
الفلسطيني؟
الشاعر:
لأنه ليس
بمستوي أي حدث
مأساوي.. انه
في بحبوحة
الكلام..ما
أسهل الكلام.
حتي كلامنا
هذا.. وفي كل
يوم.
قارئة:
ما الحل؟ نحن
نعرقل كل خطوة.
الشاعر:
لو أعرف حلا..
لما بخلت به
علي الأمة
العربية.
قارئة:
وما اسهل
تثبيط
العزائم..
الشاعر:
مهمتي هي أن
أشخّص وأطرح
أسئلة.. ولا
أقول أجوبة.
قارئة:
أنا أريد
حلاً، بل حبلا.
الشاعر:
الأجوبة ليست
من شأني،
وليست من شأن
المثقف
والمفكر.
قارئة:
أنت أجبت
وتنقد (تقرأ)
صغار شعراء
عصور
الانحطاط
العربية
الذين طالما
بكوا ذوبان
الشموع
دليلاً علي
ضعفهم
الداخلي
وذوبانهم في
الظلمة . الضعف
الداخلي،
الانكسار من
الداخل بعدم
وجود إيمان
كاف، الإيمان
بالقضية
ذاتها. حقيقة
المقال رائع،
ولكن يبقي كما
ذكرت كلام
وأقل من الحدث.
الشاعر:
طبعا، وهو
مكتوب منذ
مقتل الطفل
الدرة.
قارئة:
إذن سنبقي
نندب أطلال
المناذرة.
الشاعر
(مواصلا):
ومنشور
لمرتين. وفي
الغالب مرَّ
مرور الكرام..
لأن لا أحد
يقرأ.. لا أحد.
قارئة:
هل تعرف لماذا
لا يقرأ أحد؟
الشاعر:
لأن القراءة
تزعج الوعي
الساهي وتشير
له بعيوبه
الجمة.. انه
يفضل أن يُبقي
رأسه في الرمل
مثل النعامة.
قارئة:
لأن المقالات
صارت اقل
بكثير من
الأحداث
واكثر بكثير
مما يستطيع
الإنسان
قراءته.
الشاعر:
ممكن جداً.
قارئة:
أقول لك
شيئاً، قبل
سنة كنت قارئة
من الدرجة
الممتازة،
لكن الآن
اختلفت
اهتماماتي.
الشاعر:
هناك سبب آخر
لعدم القراءة:
لا أحد يؤمن
اليوم بقدرات
الكلام علي
قول الحقيقة
وإضاءة الركن
المعتم.. لقد
كفر العرب
بكلامٍ طالما
كذب عليهم.
قارئة:
واقرأ الآن
كتب
الكمبيوتر
مثلا. لقد كفر
العرب لأن ما
يُكتب لا
يُمارس.
الشاعر:
وثمة سبب ثالث:
هو مصيبة
الانترنت
التي توحي لك
بأنك تعرفين
وتقرئين كل
شيء بينما أنت
تمرين علي
رؤوس الأسطر
ولا تقرئين
شيئا.
قارئة:
هذا جانب صحيح.
أنا بالذات
أقرّهُ.
الشاعر:
صحيح وخطير.
قارئة:
صحيح جدا، كنت
كل صيف اقرأ 8
كتب علي الأقل..
الشاعر:
اعرف أنك
تـُقرّينه...
بدليل إلحاحك
علي تكرار (طبقة
القراء) وليس (طبقات
القراء) (يضحك)
قارئة:
قرأته وغلطت،
بعدين لا يوجد
فرق كبير..
الشاعر:
لا يوجد فرق....
لأنك تعتقدين
بأنني أتكلم
عن طبقة واحدة
من القراء
بينما فحوي
مقالتي هي
تقسيم القراء
إلي أصناف
وطبقات...
وبشكل ساخر
ومرير.
قارئة:
أقرأ الآن
مقالة عن
العطور
القوية؟
الشاعر:
الآن فقط؟
قارئة:
تقول فيها إن
تلك العطور
رمز لحضور
المرأة مثلما
تمثلوا
بخلخالها
رمزاً
لامتلائها
وجمال ساقيها
المرئي..الخ ،
لا تزال تفكر
أن النساء
العربيات
يفهمن
الحضارة بتلك
الطريقة. هل
تعرف أني ألبس
خلخالا؟
الشاعر:
منذ متي
تلبسينه؟
ولماذا؟
قارئة:
منذ عرفت إنني
عربية، مقيدة
من رأسها حتي
أسفل قدميها،
هي دلالة عندي
عن القيد. ولن
أفك قيدي.
الشاعر:
ألكي يسمع
الرجال وقع
الخلخال
عندما تمشين...؟
قارئة:
لا، مطلقاً.
الشاعر:
فظيع.
قارئة:
لا أحد أصلا
ينتبه له.
الشاعر:
نعم....
قارئة:
انه القيد
سيدي، وليس من
أجل أن اكشف عن
جمال ساقيّ
ولكن اكشف عن
حقيقة واقعي.
الشاعر:
نعم.. أفهم...
قارئة:
ضمن سياقات
الزي
التقليدي
للمرأة
العربية..
الشاعر:
يعني هناك بعد
رمزي في لبسك
الخلخال...هذا
يزعجني كرجل.
قارئة:
نعم، ومقالك
يزيد من قهري.
الشاعر:
لماذا؟ هل
قرأته كاملا؟
قارئة:
اقرأ الآن، (تقرأ)
سيدفع المرأة
للإعلان عن
هذه الأنوثة (الممنوحة
لها من الله عز
وجل) عبر ألف
وسيلة وطريق...الخ
الشاعر:
لم تنتهين
منه؟ لماذا
إذن تستعجلين
إطلاق
الأحكام؟
قارئة:
أتساءل هل
اختلف، هل أنا
غلط.. سأحاول
أن أقرأ شيئا
عن
الميكروسوفت.
الشاعر:
لو تقرئين
شيئاً آخر مش
أحسن؟
قارئة:
مثل ماذا؟
الشاعر
(متهكماً): مثل
مقالة عن
العطور
القوية
..
قارئة:
(تضحك) لا
أحبها، ولا
أتقبلها.
الشاعر:
المقالة أم
العطور
القوية؟
قارئة:
وأرفض أن
أشمها.. العطور.
الشاعر:
هذا برهان
جديد انك لم
تقرئيها.
وستعرفين بعد
ذلك لماذا.
عندما
تقرئينها..
قارئة:
تعرف عقلي كان
مع المقالة
الثانية إن
الفكر العربي
ليس بمستوي
الدم
الشاعر:
نعم (يقرأ
لنفسه يائسا
ما يبدو وكأنه
قصيدة يؤلفها
للتو) بالقرب
من البصرة
قارئة
(مندهشة): نعم
يا بابا؟
الشاعر:
أجلس أتأمل
نجمة ميتة
قارئة:
توجد بالطبع
نجوم ميتة...
الشاعر
(يستمر بالبوح
لنفسه) اجلس
أتأمل نجمة
ميتة
قارئة:
نعم توجد..أنا.
الشاعر:
بالقرب من
البصرة
قارئة:
أنا تلك
النجمة
الميتة
الشاعر
(مستمرا): أنظر
للقمر يغرق في
الخليج
قارئة:
أود لو أستطيع
أن اكتب عنها.
الشاعر:
هذه بداية
قصيدة ربما
سأكتبها
اليوم.. للتو
جاءتني
قارئة:
رائع
الشاعر:
وأنا انظر
للخليج من
نافذتي هذه في
أبو ظبي. الآن
كنت انظر
والله..
قارئة:
الرجاء عندما
تنتهي منها
اطلعني عليها.
الشاعر
(مستمرا):
بالقرب من رأس
الحسين
قارئة:
رسالة إلي
نجمه ميتة
الشاعر:
الراقد في
ظلمة البحرين
قارئة:
ماذا يخصنا
الآن
بالراقدين،
تكلم عن
الموتي بلا
قبور.
الشاعر:
حصاة تبكي في
رأس الخيمة
وهي
تري لسواد
المشيعين...
مثلاً.
(ستارة)
جريدة
(الزمان) العدد
1351 التاريخ 2002 - 10 - 30