Shaker Laibi
Poésie
 مجاميع شعرية
تليها
قصائد جديدة

       

 

(قصائد جديدة)

عربي على دراجة هوائية

ملهاة بصوت واحد

وُلدتُ في قلب جُـمَّيـزة

وكان جسدي ملوثاً بروائح التراث

ولدتُ في ممرات الحديقة الزرقاء

وكانت المفردات تجدح بين أسناني

رأيت الأبجدية تتقافز في مشية الوعل

الف ولام وياء والف وسين وميم ونون

عزقتُ التراب وابتنيت داراً قرب تربة أجدادي

سهمٌ طائشٌ أصاب سويدائي الثاني

كنت البحة النائمة على العتبة الشمعية

فزَّتْ كواكبي، منذ حين، من حلمها الدائري

شطحتْ كيزاني على أثواب الصيبات

إنني وردة في كف ترتجف عشية العيد الكبير

عبدٌ أنا، آبقٌ أنا يتعلم نظام اليمامة

طاردتني عصا راعي الفجر، وكنت أطلع مع الفجر ورديا

طاردتُ الصدى في خفقة السوط

تتبعتُ صرخات الطلق قرب سرير أختي

قلعتُ حجارة المعبد لأبني حوضاً أرى فيه السماء

إنني الهندي المتكوم في المبدأ البسيط

انني سنبلة تتمايل قرب فم الأفعى

زيني وشيني سواءٌ لدى ملوك الحواضر

انني الظبي أترنح سكران بثوبي المزركش بين جبال الكرد

قرأتُ سطراً سماوياً في فلقة البذرة المتدحرجة في السهب الأعظم

إخضرتْ آلامي في اخضرارات الغضار الصيني

مسحتُ على جبهة أخي المطيبة بدم الأخوين

انني الثقلان

انني البرهان على قلق العصفور المحوِّم حول أنثاه

أنا العشبة الخنثى تتسلق شباك الجارهْ

سأقهقه

سأدق طبولي يوم ختان الحضارهْ

وأقهقه

هاه… هاه… هاه… هاه…

أنا قاطف الريحان من بستان الخليفه

أنا الغربية المتكومة في حجرتها بانتظار الربيع

دَلـَّيْتُ الحروف الى قرطاس الناثر

وأعليتُ من شأن الجروح الطفيفة على ساعد الجندي المستوحد في ظلمة المغارهْ

انني الرغيف المالح الخارج، حرداً، في عز الظهيرة

طـَيـَّبْتُ أثوابي لعرس صديقي

وحملتُ زهرتي في ولائم البنفسج

لا سكينة في قلب غرابي المهاجر بين ليلين

على الحياة أن تعترف امام كاهني بأخطائها الكبرى

هاه… هاه… هاه… هاه…

الفضائل تراجعت أمام هلالي المسنون القرون

غنيتُ العشبة التي كانت تغني الغصون

صَوَّحتُ بنشيد وحيد القرن

داعبتُ طيور السجن وواسيتُ المجنون

وكانت قصيدتي تخرج عاريةً من الحمام

إنني شاعر إكزوتيكي

طاردتني فلول العرب من منفى لمنفى

وطاردتُ غراب الجزيرة من سواد لسواد

نامياً بين ريش الغراب

ألمْ أقـُلْ للكثير بأن يَقِلَّ

وللقليل بأن يتأنى

أنـّى لي بهذا وذاك

أنـّى لي بحنكة العارف ولعثمة المـُعرَّى

قلتُ للشفة كوني ظلاً لجسدي

لأكون فداك

قلتُ للعين الجميلة كوني

أفلمْ أختلق مرآتي

أفلم أحيد عن السراط لكي أحدِّدهُ

أفلم أقل بانني سيِّد الرنة ومملوك النغمات

ألم تتضح عورتي بعد لعيون العذارى

كم من جرح خفقتْ حمامتي فوقـه

كم من ريح أفسدها لهاثُ فأسيَ الهابط الصاعد

كم من قرارة يأس فاحتْ في قرارة كأسي

أنا حشرة ما قبل التاريخ المحفورة على حجرٍ

أنا شاعر خرَّبه التنقل في زخارف المعموره

ضجرٌ ينام على ضجرٍ

أنا أقطاعي الشعر

سخر المهرجون من خطواتي وتصويتـي

لكم تأخرتْ العجلات باللحاق بقدمي

أنا صديق الفلكيين حاسبي العدم في الحبة والقيراط

أنا قرين الكوارث التي خصَّب عماها النبات

أنا عين الحـَجـَل

تزوجتُ فلاحة مصرية قبَّلتْ، مرة، في ظل نخلة

حبات الغيظ المتساقطة من جبهتي

أحببتُ الخسارات ونبذتُ الخمور

أجفلتْ قهقهتي أعمدة سمرقند

وحرَّكتْ أقراط النساجات الكبيرات العاقلات

أنا ورق الخريف المتبعثر تحت أقدام الرخويات

في شارع التأوهات العاليه

أنا رقصة الجند في ليلة إحتلال العاصفه

بحثتُ عن معنى في حبات الرمانه

فتشتُ عن الحقيقة الجارية في السواقي

أكلتُ قلب الشجره

لكن تدفق الفجر أكلني

نمتُ رخي البال بين فكي أسود بابل

لم يهجع الأخطبوط اللابط في قلبي

ولم تنم الزنابق الدوارة حول أسطورتي

هاه… هاه… هاه… هاه…

أنا الإستعارة التي إستعارها الثمل لكي لا يقول

أنا الكلمة الأخيرة التي قالها الياقوت

انا يوسف النائم في خيوط العنكبوت

أنا أول خطوة في غربة المتنبي

أنا دمعة موليير

أنا النوء الكربلائي محمر العينين

أنا كأس أبي نواس الرجراجة بالخناس

تحرَّزتُ بخلخال هاجر

لأنني النسمة التي تنعش الوسواس في قلب الفاجر

أنا حكمة اللاشيء في غرفة الإغريقي

أنا رجل أستاطيقي

هاه… هاه… هاه… هاه…

أطلقتُ العقل لفوضاه

وعقلتُ الجـَمَال في بنصري

فاعلن مستفعلن فاعلن مستفعلن

أنني شاعرٌ مستفعلٌ في ظلامٍ فاعلٍ

هاه… هاه… هاه… هاه…

سيقهقه هذه الشاعر

من يقدر أن يعتقه من نجواه ؟

على بحيرة جنيف، أفريل 1999

 

الغـريـب

أمسك بالطمأنينة ونوَّمها في سرير الصغير

أمسك بالبهجة وعَقَلـَها مع العجولْ

أمسك بالسعادة ونفخ في رقبتها

كلمة السرّ الكبيرهْ

أمسك ببطر الأميرهْ

وذبـحه في البستانْ

أمسكَ بالإيمان وعَلـَّمه التواضعْ

أمسك بالوقت الضائعْ

وأغلق عليه القنينهْ

لا شيء سوى أهاتهِ

في غسق المدينهْ

لا شيء سوى الضحك الفاجعْ

على درجات السلم الحجريّ

لا شيء سوى وشمات الغجريّ

مرسومة فوق نياط القلب الهاجعْ

فوق تطريزة المخدهْ

لم يعرف، في المنفى، أندادا

لم يتلمس أطراف صخرة الحدودْ

تلقَّط بقاياه فحسب

ولمـْلَمَ ، من ثمَّ، حدَّهْ

ما أشدَّهْ

هذا الضبع المكسور الخاطرْ

ما أبـهج فجره المفطور فطرا

ما أحلى عينيه هذا السادرْ

في لمعة النجمهْ

 

أمسك العزيمة وسرَّحها مع الغيومْ

أمسك الفضائل ورقَّصها ترقيصة السائر في نومهْ

أمسك الأربعين وسقاها كوثر العشرينْ

أمسك الهواجس وألبسها فستانا

أمسك بالعـِبَر وذكـَّرَها ببهجات الحانهْ

أمسك بالظنونْ

وطيـَّنَ بها قاعة المسجونْ

أمسك بالفنون وزيَّن بها الحربْ

حنانيهْ

إمَّحتْ آثار الشرق أمامه وعلامات الغربْ

إمَّحى الحصن الحصين أمامه

أمحى الأمام أمامه

ما أنظر وجهه المجلو بماء الذهبْ

وهو يغطّي المساء بمعطفهِ

وهو يتجول بين اللهفة والحيرهْ

وهو يقلِّب العلة والسببْ

التفاحة طازجةٌ بين يديهْ

حنانيهْ

 

أمسك بالعالم وعلَّمه الطيرانْ

أمسك بالجرح وبعث به الى باريسْ

أمسك بالرجس ومزَّق صورته الشمسيه

أمسك باللوعة ولوَّعَها

أمسك بعروس الشعر فألفاها دون عريسْ

أمسك بالطاسة الخزفية وشرب منها

أمسك بالهجران وشرب من نبعهِ

أمسك بالفرقد ووضعه تحت السندانْ

أمسك بـمندل الخديعهْ

وطيَّب به أثواب الإخوانْ

أمسك بالسرمدي وسيَّجَه بالزائلْ

أمسك بالحـظ المائلْ

ووجهه نحو خـط الإستواءْ

الحنطة والرماد لديه سواءْ

الصمت يسمّم الهواءْ

والقول هراءٌ فاترْ

يُفْسِد عزلة الطائر في بحبوحة الغناءْ

 

جنيف26-5-1999

 

أعشابٌ موسـميةٌ

في الطريق الريفيِّ نجمةُ الصباحِ سقطتْ على شعْر الجميلهْ

عشبةٌ حامضة لذعتْ لسانـها

ضربة الشمس ترنحتْ طويلاً في رئتيها

وكانت زهرة الجبل المهدَّبة

تتقلبُ في التراب المتناثر حول قامتها

 

الغـنائم والهزائمْ

مراَّ على ظهرها العاجيْ

الصقور والحمائمْ

تطايرا من بين ثدييها

القصائد والتمائمْ
مكتوبان على جبهتها

النمرُ الوليدُ وغزالُ العراقْ

تمرِّغا تحت عُري أقدامها

المسيح والبـُراقْ

مازالا مرفرفين على سريرها منذ حين

 

سماءٌ مائلهْ
تمايلت ذاك الصباح فوق جفونـها الذابلهْ
فـُستقةٌ كبيرةٌ

طفرتْ من قلبها

ليلة القَدْرِ بين يديها كانت تفوحُ برائحةِ التُفـّاحْ

شتاءات الصعتر كانت ترتجف تحت تنورتـها

كان العالم يزدهر في هفوات شفتها شديد الحمرة

وكان يطلع من جرحها، مدمىً، آدم النوّاحْ

صارخاً على بابـها العاري

بابـها العالي الملتمع تحت ضربات الصواعقْ

بابـها الغارقْ

في احتشاد الأعشاب الموسميهْ

26/3/2001

في القطار الذاهب من تورنتو الى مونتريال-كندا

الحجر الصقيلي

 

حجرٌ يقول إلى حجرٍ

حدثني عن ماضيكَ

ويحلم، فجراً، تحت وطأة الفجر الصقيلي

حجرٌ يهذي تحت ثقل الجذوع الملفوعة بالنار الأزلي

الماء كريمٌ يترجرج في اليد

والهواء النوّاح يـتوغل في عروق الأميره

النائمة في الضفة الهاذية الأخيره

من العالم البحري

ضفائرها الطويلة المسواةْ

تطفو في غبطة المياه الوثيره

الموت والحياةْ

ينامان في حجرتها المضاءة بالتماعة الزيتونِ

الصحو والسباتْ

يتناوبان النظرْ

إلى مهدها الرعويْ

المترنح مع قوارب النجاةْ

كم تسلقت العنـزة السوداء سلمها الجبلي

كم تمايل الريحان ثملاً في خضرة عينيها

لكم سيظل العقل السعيد مهاجراً في ليلها

الدمعة تلمع في عين الغزالْ

الممكن والمحالْ

يتزاوجان في القفص المشرع على البحر

الحلو والمرْ

يأكلان في صحنها الخزفي

النبيل واللئيم

يتقاسمان شفتيها

يتقاسمان رمانتها المفطورهْ

البحر والمعمورهْ

يسوّيان سكِّينة الأبَدِ من جسدها

فوق مهدها وفوق لحدها

تضيء فوانيس الإغريقْ

ترفرف أخطاء العرب

الفرحة والكربْ

يقبعان في حاجب السيدة الحزينه

القابعهْ

في كهفها البحري

 

 

حجرٌ يحدِّث حجراً عن ماضيه

الصياد والصقر يسهران على الحجر الكريم

الصياد يغرق في زرقة السماء

وعين الصقر تسيلْ

الكثير والقليلْ

يتقلبان على سريرها

الألم القوي يبكي أمام شاهدة الهواء العليلْ

الرجس والطهارهْ

ينقشان في قلبها ذات العبارهْ

الحذاقة والغرارهْ

ينبثقان في دمعتها الشمسية الفوّارهْ

آه أيها الزنجبيلْ

الفواح في ثيابها

آهٍ يا أيها الفيل

المتبسم لانبعاث الأمير من الرماد والإمارهْ

في ثوب الحدادْ

آه أيها الماضي

الذي يجرح قلب العشبة في الوادي

آه أيها الماضي الذي يعض على إصبعه ندماً

الذي يأكل قلوب العاشقات الرومانيات الخارجات من الحمّام

أيها النهر الذي يشيخ مبكراً في منفاه الغريـنـي

أيها الماضي

أيها الماضي

أيها الماضي

أيها الماضي

أيها الحجر الصقيلي

 

صقيلية 15-مارس ‏2001‏

مونتريال 22-مارس 2001

 

الناس

الناس تقول انقرض الناموسْ

الناس تؤول موتَ الناسْ

تقرأ كف الـمَيْتِ وروح الـمحبوسْ

الناسُ توسوس في قلب الجمرهْ

وتقلقل حِمل الشجرهْ

الناس غلاةٌ وغيارى

يمضون حيارى

من طاقات النورِ إلى رائحة السوسْ

الناس سهارى

في ليل الطاعونْ

يـمدون يداً للأبديِّ المطعونْ

الناس التوَّاهونَ جهارا

بين دروب الجعلان السودْ

الناس القديسون يُصلُّون على قبرٍ منفردٍ في الأرضْ

والبوَّالون على قبر في الأرض كذلكْ

الملاكون لروح الزئبق

والحمَّالون لروح السوقْ

الغول، الثؤلول، التوأم والثوم، الأرضيون وعُبَّاد النور، القرآن، الماحوز، الناس البلبل والسجادة والقرميد، الفتك، السحر وغالية الهند، القرحة والفرح السنوي ويوم الفيضان، الناس الإشماس وسكرة عربيد العرب النائم في حد السكين، طويل الوجه، الشامة في جسد المعبودة مستلقية في الظل، العاقل والمعقول النائم في الحقل سعيدا

يـمدّد رجليه سعيداً كالهفوهْ

كهوامِ البيت بعيداً في الطرف المغرور من المنـزلْ

كالحوَّةِ في شفة العازبْ

 

الناسُ الحيرانةُ في ليلِ القَدَر الأعمى

قرّاء البخت مِنَ أجل البخت العاثرِ والعانسْ

الناس المخلوعون مُذِ اليوم السادسْ

من ملكوت الربِّ

المبهورون بألوان الضبِّ

على ساق النبتهْ

الناس الحكمة والفلتهْ

هائمةً في سُكْرِ الفاجرْ

الناس الحاكم والشاعر والتاجرْ

يستجدون الأبديَّ الواقف في الريحْ

التاريخ سُدَى

والكائن رمية أحجارٍ في السهب العاري

التاريخ سُدى

التاريخ مدى

وكتاب مطعونٌ بالسكينْ

التاريخ سُدى

والأعشاب مُدَى في خاصرة العاشقْ

التاجر والشاعر والفاسقْ

مجتمعون على مائدة السرمديْ

من أجل هلال العربيْ

ورايات الكردي المارقْ

في الجبل العالي

الناسُ حظوظٌ عاثرة في الصيفْ

وخطوط مبهمةٌ في الرمل

الناسُ طيوفٌ مرمية فوق الحائطْ

الفـَتَكَهْ

ذو الخِرْقة والصعلوكْ

المالك والمملوكْ

الدمعة تتلألأ في العين العارية الكبرى

والماء الـمتبقي في جوف البئرْ

سِلْمُ الخاسر والمتنبي في ذات القبرْ

الجاحظ والأحوص في ذات العَتَمَهْ

فاطمة وثريا الموطوءة بنعال الـمـُغـْل على ذات الهودجْ

النجم الثاقب والقمر الأهوجْ

يعتنقان بفسحة عدم الله

الله الله على الناسْ

الوردةُ والخناسْ

المأكولان سُدىً

منذُ متى عُرِّفتَ بأن الأعشاب سكاكينٌ في خاصرة العاشقْ

الله الله على الولد الغارقْ

في أمواج زُحَلْ

في القافية الطنانـهْ

والرنّانـهْ

والطنـانهْ

والرنّانـهْ

والطننـــّنانه

الرنـّا

الطـّنا

الرنُّ، الطنُّ، أننننننننـــــن……......

 

جنيف 14-1-2001

وداعا يا وحيد القرن…….!

أغنية إلى نهاية القرن العشرين

وداعاً أيها الحصان المعدني، وأهلاً يا غزالة الأثير..

لكم قطـّعتَ أنفاسنا بقفزاتكَ المثيرة في الحلبة المئوية،

لكم فَجَعـَتـْنا نظراتُ عينيكَ الساهمتين في الكواكب،

لكم آلمتْ رفساتكَ أكباد أمهاتنا. أخواتنا ينظرن الى ذلك الشيء الخارج من بين قدميكَ الخلفيتين،

آباؤنا يتطلعون إلى صهوتكَ المزركشة بالمصابيح

أيها الحصان الحصان الذي تعلم الطيران في درب التبّانة والذي يفجع تحليقه حمائم الكنائس

الجموح الـمنمسخ الى وحيد قرن هجم على دواجننا وكلابنا وغرف القصب التي ابتناها أجدادنا،

أيها الأدرد وداعاً،

وداعاً أيها البهلول الخارج مبلولاً في عواصف الكهرباء،

في فوحانات الغازات السامة،

في أنواء المغناطيس المتثائبة بين السلالم الضوئية،

في المركبات الدائخة قرب النجوم،

بين الذرات والزهور السامة،

أيها المتقلب في قوارير المختبر الذي طالما اختبر أرواحنا،

أيها الناهض من اندثار الغابات وانقراض الجوارح،

أيها الأخضر النائم في رائحة الدولار،

يا مَبْكى القرون على الحائط الآيل للسقوط لكن الشاخص حتى اللحظة مبرقشاً بذرق الطيور ومحاولات اللبلاب.

أيها (الحبـّاب) العارج عرضاً الى شارع الداعرات العجائز

وداعاً يا مُذلّ الكواسر ومروّض الأفلاك وكاسر قلوب الشعوب،

أيها التلميذ النجيب في مدرسة العاطلين عن العمل منتجي القيمة وفائضها،

أيها العاض بظر إمه في صعود الرايخ وفي سقوط القدس،

أيها البطل الباكي قدام أغنيات الامريكان اللاتينيين الخاسرين ،

والماشي في تـرنـُّحات ثـمل الشيوعية،

يا مُقٍّسم حبة الحنطة ومُغْرق البُن،

يا حارق الغابة الإستوائية والقاسم بالقسطاس حدود القارات،

يا فلذة طفرت من أكباد الشهداء بين الحربيـن،

يا مُبذّر قروش الأيتام،

يا باذر الأمراض الجنسية في الحديقة الآسيوية،

يا مخترع السياحة على بشرة النحاس.

أيها المندهش من سماكة عمائم الشيعة،

أيها المختفي في القمقم الذري،

 

لا حدود لك،

لقد اخترتَ الخروج عن حدود كُرَتـِنا،

لا تخوم لبسالتكَ ونذالتكَ كليهما،

لعظمتكَ وسفالتكَ النائمتين في غرفة واحدة.

شجرتك تتحجر وعصافيرها تتعرى من ريشها،

لا حدود لعدالتكَ وظلمكَ المتزوجين منذ الأزل لكن المخرِّفين في نهاية العمر.

عمركَ..أنت المشتعل بين الألوان والأشكال عسيرة الولادة،

بين النغمات والرقصات المنفلتة من مداراتها،

الأعظم أنت في الأغنية اليائسة،

الجمال الأكبر المتكبر يوما بعد آخر.

أنت جناحا الفراشة التي تأبدت في الحديد.

 

أنت الطارق الذي خضَّ أبواب العصور.

صدرك مُعرَّى وظهرك مخرومٌ بالرصاص.

يا مكتشف الزهرة البلاستيكية والأوزة الجصية،

أيها النائم في كهوف اللاوعي،

السابح في بحيرات الوعي البشري حيث لتحويم الهوام طنين عالٍ..

ماذا سأقول أنا ابنك البار الفاني

وداعاً يا وحيد القرن.

اليوم الأخير من سنة 1999

 

الفم الأحمر المتشظي على المخدة البيضاءْ

 

الفم الأحمر المتشظي على المخدة البيضاءْ

ما زال يطلِّع الأسئلهْ

ما زال يدمدم بأغنية الهواءْ

ما لنا كلنا جـوى

يقول ظلام الفناءْ

ما للعظاية لا تتمطى إلا في رهبة الشتاءْ

ما للهياكل لا تقوم إلا في صعود الأخيلهْ

وفي طلوع الأهلَّة أعلى من جبل الجلجلهْ

والبكاءْ

البكاء الـمرُّ يـَطـْلَعُ كما تطلع الأسئلهْ

من العين التي تسيلْ

في عتمة الرواقْ

الفم الـمحمرُّ ما زال يدندن للقرب وللفراقْ

والعين تدمع من أجل ظل الشجرة التي تميلْ

في لحظة الذراع المرتعشهْ

ساعة العناقْ

 

 

جنيف 22-4-2001

 

جارات يوسف الناصر

هذا الطفل المدلل المسترخي تحت سماء من العناب

هذه الحدوة المرمية تحت السرير

هذا الغصن الذي يطقطق في حركة الكرسي

هذه القطة النائمة في القشرة اليابسة للبطيخة الحمراء

هذه الجارات التي لا تكف عن المروق في الحديقه

- ما هذا يا يوسف ؟

- أشباحي...

لندن 3-1-1997

 

 

عيون فان كوخ

سوّى الحصان عرفهُ

وانحنى محدقاً في الحشرهْ

في بتلة الغاردينيا المتفسخة في الطينْ

عدّ الى العشرهْ

واختفى خلف سياج الياسمينْ

42-5-1999

فيرونيك

إنكسرت مرآة القوالة بالحق

فلم تستطع ان ترى حمرة السماق على الشفهْ

لم تستطع رؤية الجرح الصغير على الجبينْ

ولا أنفها الملوث بالطحينْ

ولا عين السحلب الذاهب للمعركهْ

 

انكفأت (فيرو) الى مدخل الحوش الرزين

شباكها مرآتها الان……

 

حزيران 1999

جوليانا

داعبتْ قطة

وسمتها ايطاليا

ثم دحرجت امامها الصوف

وسمته العالم

 

داعبت هرتها ذات العينين الشمسيين

وسمّتْ السجادة سهوب لومبارديا

ثم وضعت بين مخالبها فضائل الفيلسوفْ

 

خدها مقمر وعينيها ياقوتيتان

جوليانا الطالعة مبلولة في برنسها

تحت اصوات الدفوفْ

27-5-1999

سيرجو

الفاجر ذو الحزام المطعم بالفصوصْ

يلتهم شمعة الكنيسة

في عيد الصقالبة الكبيرْ

الفاجر البولوني آكل المرارهْ

في حرب الحدودْ

إنتهى الى الغابة البنفسجيهْ

فالفى عزاءه في البتلة الوحيدهْ

الصابرة في نهاية الطرف المسدودْ

 

28-5-1999

ماتياس

سارق الحجارة من المعبد الأثني

لن يسرق النص

سارق النارْ

لن يسرق الأثمارْ

خصَّبتْ روحه الصاعقهْ

وأجهش وحده في ظلمة الغارْ

27-5-1999 

Retour à la page d'accueil