من اكتمال المروء

اكتمالُ المروءةِ أن تبكي يا شاكر طويلاً أمام البحر

اكتمالُ الخُلُق يا شاكر أن تُقَبِّلَ التينةَ الناضجةَ قبل أن تسقط

من اكتمالِ المروءة أن تدندن

من أجل العَدَم القابعِ في الشيء

يا بنيّ، لا تكسر قلبَ الجوزةِ قبل أن تأكلها

من الكمال أنْ ترفع الحائط لكي يرتعش الضوء على أحجاره

من الكمال أنْ تعبث برأس القطة الجوّالة في الحجرة،

أنْ تمس أقدام السيدة العاريهْ

على سريرها، أنْ تمسّد عُرْف الحصانْ

من الكمال أنْ تحتفي بالمكانْ

بهذا المكان الصغير الذي تشغله يدك المرتعشهْ

اكتمال المروءة أنْ تغسلَ أقدامَ المروءة

أن تحتضنَ العالمَ الطفلَ بين يديك

وتغتسل في النهر الوحيد الضائع في القرية

العالم أمامك طيفٌ

الوجود وراءك طرة الصبيّ في مهدِهِ

من اكتمال الخلق أن تختلق مساراً للكوكبِ الدُّرِّيَ

الذي هو أنتَ

أنتَ مديةٌ تخترق حواسَّكَ

أنتَ فتنةٌ لنفسِكَ

أيها الفاسدُ

من اكتمالِ الرجولة أنْ تنظرَ إلى حكمةِ النَّبْتةِ الخُنْثى

كيف تتسلّق الحائط

ذلك الحائط نفسه المضاء بالشمس

من اكتمالها أن تتبضّعَ من حانوت الأنثى

الممتلئ بالأنواع كلها

يا شاكر أنت أبُوُّة الصنوبر المترنّح في صيفٍ مستمرْ

أنت الحَجَل الأغرْ

المضروب فجأة بالصاعقهْ

من اكتمال الخلق أنْ ترتدي زيَّ الشجره

أن تضع قناع المُحارب ولا تحارب إلا

ظل الغراب الساقط على جثة الأمل

برجك ناري ودمعتك هوائيهْ

من اكتمال الشكر أنْ

تقبل يد امرأة الحانة التي تسقيك ما يشبه العافيهْ

أن تقبل لـُمّة العاهرة الغافيهْ

بعد منتصف الليل تحلم في درب التبّانه

نواياك يا شاكر تنطفئ الآن تحت أمطار الريف

من اكتمال العذاب إذَنْ

أن تصمت حين يفور الكلام في الحنجرهْ

أن تترقرق عصفورتكَ في الظهيرة على صفحة السماء

أن تحبس كركرة الطفل

القابع

في

لهاتك

ل

هـ

ا

ت

ك

وتُصَعِّد بين عروقك نشيج الأنبياء

المنطوين كالدفاتر في منافيهم

المعتزلين في حجرات شبه مضاءة

من اكتمال المروءةْ

أن تتابع دورات المتاههْ

وأن تتسلّق حجارةَ الجبلْ

التي تُطِلْ

على الهاويهْ

إنني يا بنيَّ أبني فيك عَمَارة الأمَلِ الطينيّة

الخليج  4-8-2002