مدائح لغلام عربي

 

يالبسالة الساعة الرملية المنثالة مع ريح الجنوب

 (الجنوب الرافع عناكب معابده تحت ضوء القمر )

 

يالهذا الحطام الشمسي النائم في ريش القطا

(القطا المرتجف في هدير العاصفة)

 

يالنصاعة قيافة العربي

(العربي المنحني لإلتقاط حجر المجد الثمين)

 

يالقلبه المجلو بماء الأبدية

(الأبدية التي تلتهم الغريب)

 

يالبراريه وذلك الخطـّاف المارق، وحيداً ، تحت الغيمة

(الغيمة التي تصفق بجناح الخرافة فوق أمصاره)

 

ياللجلاجل المنسابة على عيون حصانه المكُرّ المفُرّ

في الماضي مع حيوانات اللاشعور العمياء

(العمى الراقد في الجرة العظيمة)

 

يالقبابه الزرق الحبلى بسبع سماوات

(سماواتٌ يتقلـّب البدر، نشوانَ، في قـُطنها)

 

ياللباب الخشبي الذي يئن في ريح الصَبَا

(ريح الصَبَا الـمُعطرة بشميم الخرنوب)

 

ياللثلاثي : المأذنة وامتداد السماء وظله المرمي بعيداً

(بعيداً في سباخ المستحيل)

 

ياللحائط الجصي الذي يزداد بياضاً بعد كل صاعقة

(الصاعقة التي تضرب السراب في عز الظهيرة)

 

يالجبهته الموشومة بحديد الملائكة

(الملائكة النائمون في تطريزة المخدة)

 

يالـمجد عقيق البحر الأحمر ورايات فتوح الشام

(الشام المتقلب تحت أنسام المتوسط وسياط الروم)

 

يالبقايا الكَمُّون في آخضرار شاربيه

(شارباه المرتجفان بـمواعيد الصقر)

 

يالطاسته النحاسية التي يغترف بها من غدران الكون

(الكون الـمقيم في حوافر الماعز الذي يتسلق الوديان)

 

يالرائحة الصندل في سيور نعليه

(نعلاه الـمُعفَّران بتراب الجنة)

 

يالكرم ناره التي تحرق ألسنتها الكواكب

(الكواكب الدوّارة في حروف أبجديته الـ 28)

 

يالحمرة السمّاق في شفتيه

(شفتاه الطالعتان من صلصال حي)

 

يالنصبه التذكاري وسط الربع الخالي
(الخالي سوى من الثعالب التي تخط ذيولُها الرمالَ)

 

يالأصابع زينب التي يلتهم أربعاً أربعاً

(أربعاً كالجهات، كالفصول)

 

يالشرر الخنجر الذي يبقر الهواء بحركة خفيفة

(خفيفة وأعلى من الهواء)

 

ياللعصفورة الـمارقة فوق الهضبة لتخترق رياح الشمال

(الشمال الذي يكتب أوصافه على عباءات الجوارى)

 

يالأخوَّة الريحان المتمايل في سهوب يَـمـَنـِهِ

(يَـمنـُهُ ذو القناطر الذهبية والجسور الشمسية)

 

يالخضرة فصّ الخاتم الذي يختم به الأزلْ

(الأزلُ الناشبُ أظفاره في عموده الفقري)

 

يالنسيم الهلال الخصيب العابث بحلمات نسائه

(النساء الناشرات شعورهن في ضياء الغامض)

 

يالفضة الوجه الذي أغوى عرَّافات الجزيرة

(الجزيرة التي تـتـبطر أقدامها في ملوحة بحر الظلمات)

 

يالأحزمة شـمَّر وخلاخل بنودها

(بنودها الـمُجلجلة بين غبار النجوم)

 

يالغزالات ربيعة المذبوحة يوم ختان آدم

(آدم المنطفيء في رماد الكانون)

 

يالجموع تـميم التي تـهتز أعمدة الحكمة لردحها

(ردحها : الراء، والدال، والحاء)

 

يالأسنانه المنظومة بجمانٍ من القوافي

يالعينيه هذين الشاهينين الملتمعين بمياه الخليج

يالجبهته المأخوذة من لون قمحة مغسولة بمطر موسمي

يالكتفيه الصفصافتين اللتين تضجُّ أوراقهما في مشيهِ

المتئد، المتئد، المتئد، المتئد على الصراط المستقيم

يالأنفه مصعِّد روائح العنبر في ثياب عذراوات العراق

يالحاجبيه جناح الحَجَلِ المنقضّ على حقول البنفسج

يالفمه، فمه لعاب نحلة يتيمة في الأفق

يالكفه مرآة الزمان التي صدأتْ فضتُها

يالقامته شجرة الزقوم

يالركبتيه هاتين السفرجلتين اللتين قضَمَهما الزمن

يالخاصرته هذا القلم الذي يكتب الهباء

يالساقيه الأيلِّين القابعين خلف الأيكة بانتظار ساعة الهبوب الأخير

يالكفليه المترنحين ترنـُّح الذاهب عزيزاً للحرب

يالهذه الخِرْقـَة التي تركها في الصحراء تسفُّ الرمال عليها

الخرقة التي يحملها الهواء ويحطها قرب سور حلبْ

الخرقة المرفوعة أمام معادن الأرباب

المسفوعة بريح السموم تحت شمس حضرموت

الـمنسلة خيطًا خيطاً

الـمُداسة صبحاً وعشية في عتبة جامع القيروان

الرمة التي سَقَتْها مياه النيل حتى العطن

التي تقلـِّبُها رياحُ الجهات الأربع

الطافية في الفرات تحت ظل الغراب

التي تصفر حيات الموت قربها

الخرقة

الخرقة التي تدور عليها الساعة الرملية المنثالة مع ريح الجنوب.

 



[1] الفيل هو رمز مقاطعة (كتانيا) الصقلية.