الفن الإسلامي، أصوله ورهـانـاتـه الاجتماعية

شاكر لعـيـبـي

لنحدد في البدء ما الذي يعنيه المصطلح (فن إسلامي).

لقد مر هذا التـعبير بتطورات وتغيرات منذ أن تأسس العلم الجديد الذي سيسمى في أوربا (بتاريخ الفن). هذا التاريخ هو اختراع غربي من دون شك. ففي نهاية القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين كان الباحثون والمتخصصون يستخدمون مصطلح (الفن العربي). وفي الولايات المتحدة الأمريكية حيث تأخر نضوج وتبلور الاستشراق كان يجري استخدام مصطلح آخر هو (الفن المحمدي). ومنذ أن أدرك الباحثون الغربيون أن ثمة إضافات كبيرة في تكوين الفن الإسلامي قادمة من شعوب ليست من الشعوب بالعربية فقد تبنوا مصطلح (الفن المسلم) المستخدم اليوم في التصنيفات المكتبية في بلدان مثل فرنسا وسويسرا الروماندية. سوى انه صار يجري منذ بعض الوقت استخدام (الفن الإسلامي).

يحاول المصطلح (الفن الإسلامي) في تقديرنا أن يغطـّي ويصِفَ أسلوباً فنياً لا تخطئه العين. أسلوبٌ يستند، إذا ما تحدثنا عن ما هو تجريدي في فن الإسلام، على زخارف نباتية وهندسية صارت علامة فارقة له، ويتميز، إذا ما تحدثنا عن ما هو تشخيصي فيه، بإجمالية Schématisdation  في تقديم الشخوص لا تختلف إلا لماماً في إطارها العريض عن إجمالية العصور الوسيطة كلها.

تطرح الصفة (الإسلامي) مشكلة ظاهرية لأنها تبدو وكأنها تربط الفن بالدين وتبدو وكأننا تنظر إلى ديننا الإسلامي الحنيف كما لو انه ينهمك وينحني فحسب على الروحاني المتسامي لوحده وهو أمر ليس بالدقيق تماما لأنه يتضمن الروحاني وينشغل بتفصيلات الدنيوي مرات بأدق التفصيلات.

 

ليس المصطلح دينياً لسببين :

الأول : إن هذا الفن بتعبيراته ومواده وحوامله وأماكن عرضه لم يكن مهموماً لا بإيضاح ولا بشرح ولا بالتبشير بفكرة دينية، كما هو حال (الفن المسيحي) مثلاً.

الثاني : لهذا السبب فان تشخيصيته figurationوتمثيله للعالم تـحضر في مجالات متنوعة لا علاقة للدين الإسلامي الحنيف بها وتذهب من حقل الرسوم التوضيحية في علوم النبات والميكانيك (في كتب مثل "خواص العقاقير"  و"كتاب الحيل الهندسية") إلى الرسوم الجنسية الموجود بعضها حتى اليوم (مثل عمل تخطيطي من العصر الفاطمي في مصر، القرن التاسع الميلادي عُثر عليه في الفيوم  موجود في المكتبة الوطنية في فيننا  Nationalbibliothek, no. Ar.25612)[1] أو تلك التي تتكلم عنها كتب التاريخ، مثل تلك الرسوم الجنسية الفاضحة التي يخبرنا عنها الكوكباني، من بين آخرين، في كتابه (حدائق النمام فيما يتعلق بالحمام)[2] التي كانت مرسومة في بغداد، نحو سنة 1284، في قصر الملك شرف الدين هارون. بعض هذه الرسوم ربما تكون نسخاً عربية من الكاموسوترا الهندية المشهورة التي يبدو أن شيخاً جليلاً مثل السيوطي قد رآها بدليل انه يقول في رسالته (نزهة المتأمل والمرشد المتأهل في الخطيب والمتزوج): "ولا يُجامع في الماء، فإن حكماء الهند يكرهونه، ويحكمون عليه بعدم اللذة، ولذلك لم يضعوا له صورة في كتبهم "[3].

 

يتبقى أن التجريد قد جرى تأويله دوماً كتعبير عن تجل للمقدس وتسام بالدنيوي إلى مصاف الروحاني. يمكن أن يكون هذا التأويل صحيحاً. ولكنه لا يضع (الفن الإسلامي) على قدم المساواة مع (الفن المسيحي) بوجهاته التبشيرية تلك وإنما يضعه في مصاف فنون الشرق القديم المهمومة بالتعبير عن (المقدس) وليس عن (الطبيعي) أو (الواقعي).

ولكي نتجنب المزيد من الجدل العقيم حول الحدود  التي يشتمل عليها الفن الإسلامي فسوف نسمي فناً إسلامياً جميع القطع المصنفة حاليا من طرف متاحف العالم والمجاميع المعروضة للجمهور تحت هذا العنوان. إن القطع الفنية الإسلامية تبدو (بالمقارنة مع القطع المعروضة في صالات الآثار على سبيل المثال) وهي تمتلك ما سنطلق عليه وجهة جمالية بواضحة. وجهةٌ مشدّدٌ عليها عبر إحكام للصنعة ودقة في التنفيذ realisation. هذه القطع تجيب على معايير قطعة فنية جرى تقديم تعريف محدد لها من طرف مؤرخي الفن وعلماء الجماليات خاصة لجهة فرادتها وعدم وجود نسخة أخرى منها. وإذا ما كان مفهوم الأصالة (بمعنى الأصل وليس بالمعنى الأيديولوجي المستخدم في الفكر العربي المعاصر) originality وهو واحد من معايير القطعة الفريدة، ينضبط بدوره حسب ميشيل ميلو بفكرتين اثنتين هما الوحدة unicity أو وحدة الوجود أي عدم التجزؤ والموثوقية authenticity فإن قطع الفن الإسلامي تجيب بجدارة عن هذين الشرطين.

في تاريخ الفن الإسلامي دخلت هذه القطع إلى السوق التجاري بصفتها قطعاً وحيدة فريدة وبصفتها عملاً لفنان واحد وليس كعمل مشترك تدخلت بتنفيذه أكثر من يد واحدة. هذا ما تبرهن عليه تواقيع الفنانين المسلمين على الكثير من القطع. إن تقسيم العمل لتنفيذ عمل فني (إسلامي) لم يحدث إلا في وقت متأخر في صناعة المنمنمات الإيرانية. مثال الواسطي الأكثر شهرة يبرهن أن الفنان كما كتب هو بخط يده قد قام بخط ورسم المقامات من دون اشتراك شخص آخر معه. في حالات أخرى كانت القطع تُنتج تحت إشراف أستاذ محترف وتنفذ على يد تلامذته الأمر الذي يعني أن العمل هو من إبداعه بالضبط مثلما كان عمل السكستين إبداعا شخصيا لمايكل أنجلو رغم انه قد نُفِّذ على يد منفذين آخرين.

 

 

يتضمن حقل عمل الفن الإسلامي أشكالا هندسية ذات استخدام جمالي محض ويذهب إلى مجالات وظيفية عادية.

 

وفي يقيننا فان الخصيصة الأكثر أهمية في الفن الإسلامي  هي التالية:

التداخل و(التماهي) بين ما هو جمالي وما هو وظيفي.

جميع أعمال الفن الإسلامي هي في آن واحد ذات وظيفة وذات قيمة جمالية بحيث انه يصير من المستحيل تقريباً الفصل بين هاتين الوجهتين في غالبية الأعمال المعروفة لدينا (الأعمال 1و2 و3و4و5و6).

 

من زاوية الوظيفة الآن يمكن أن تأخذ قطع الفن الإسلامي اتجاها روحانياً جد سامِ مرةً (تزيين النص القرآني) ومرة جد عملي (تصميم مقلمة مثلا وثمة مقلمة في المتحف المصري هي آية في الجمال وكان يستخدمها الكاتب القلقشندي) ومرة يأخذ اتجاهاً سنقول تصنيعياً فيه الكثير من العادية (صناعة جرة أو صينية نحاسية). لكننا في جميع القطع نجد أنفسنا إزاء نوع من البلاستيكية  الموضوعة في خدمة وظيفة ما. أن تقديم تفسير روحاني أحادي الجانب للفن الإسلامي، كما حاول الباحث بوركارت أن يفعل بحذاقة ومعرفة ومحبة، هو أمر محفوف بالصعوبات والمزالق. ليس الفن الإسلامي فن العمارة الدينية فحسب ولا بما يمكن أن نسميه بالفن التجريدي أو الزخرفي. أن الحمولة الاجتماعية للتجريد الإسلامي كانت التسامي بمشاعر الناس بشكل أساسي. كل منتوجات الفن الإسلامي تتميز من جهة أخرى بذات السمات اللونية والإسلوبية التي خلقت إجماعاً لدى المؤرخين بأن يضعوا تحت اسم (الفن الإسلامي) مواداً جد متنوعة من ناحية الملمس ومتباعدة في الجغرافيا والتاريخ.

 

من وجهة نظر علم الاجتماع فان هذا (التداخل) بين الوظيفي والجمالي كان، في الغالب الأعم، جهداً واعياً من أجل إحلال فكرة (التناسب المثالي) وفكرة الهارمونية في النسيج الاجتماعي. كان إخوان الصفا يلحون في القرن العاشر الميلادي على ضرورة تعميم هذه الهارمونية المثالية في كل مناحى الحياة. وكانوا يجدون التجلي الأفضل لها في علم الهندسة والعلم المشتق منه حسب رأيهم علم الموسيقى. لنلاحظ الآن العلاقة الموجودة بين علم الهندسة ودقة تنفيذ الزخارف الهندسية الإسلامية. كان الإخوان يلتقون هذا التناسب كذلك في الممارسات الحرفية التي تستدعي وضع الخامات بطريقة متوازنة : في اشغال النجارين وفي تصنيع الحاجات اليومية وفي بناء المنازل. وفي رسائلهم ثمة فصل مكرس للنسبة المثلى أو النسب الفاضلة على حد تعبيرهم. تتمحور فكرتهم بالأحرى محول وجود نوع من تناسـبـيـة في الكون كله وفي الفن والصناعات الحرفية بالنتيجة. كان الجسد الآدمي يؤخذ كموديل مثالي لهذه التناسبية انطلاقا من المفهومة الإغريقية (microcosme أي العالم الطفيف على حد تعبيرهم إزاء الـ macrocosme  أي العالم الكبير). إن استنتاجات الإخوان جد مفيدة لأنها تمس مباشرة حقل الفن في الإسلام. أنهم يقولون لنا التالي: 

"ومن أمثال ذلك أيضاً أصباغ المصورين، فإنها مختلفة الألوان، متضادة الشعاع، كالسواد والبياض والخضرة والصفرة وما شاكلها من سائر الألوان، فمتى وضعت هذه الأصباغ بعضها على بعض على النسبة، كانت تلك التصاوير براقة حسنة تلمع، ومتى كان وضعها على غير النسبة كانت مظلمة كدرة غير حسنة".

 

"ومن أمثال ذلك أيضاً أعضاء الصور ومفاصلها فإنها مختلفة الأشكال، متباينة المقادير، فمتى كانت مقادير بعضها من بعض على النسبة ووضع بعضها من بعض على النسبة كانت الصورة صحيحة محققة القبول".

"النسب الفاضلة هي المِثـْل، والِمثل والنصف، والمثل والثلث، والمثل والربع، والمثل والثمن(..) ومن أمثال ذلك صورة الإنسان ونسبة هيكله، وذلك أن الباري، جل جلاله عمل طول قامته مناسباً لعرض جثته، وعرض جثته مناسباً لعنق تجويفه، وطول ذراعيه مناسباً لطول ساقيه، وطول عضديه مناسباً لطول فخذيه، وطول رقبته مناسباً لطول عمود ظهره، وكبر رأسه مناسباً لكبر جثته".

ثم يحددان بدقة في "فصل في تناسب الأعضاء على الأصول الموسيقية" هذه النسبة مطبقة على جسد الطفل :

"فكان طول قامته ثمانية أشبار بشبره سواء (أي بشبر الطفا) فمن رأس ركبتيه إلى أسفل قدميه شبران، ومن رأس ركبتيه إلى حقويه شبران، ومن حقويه إلى رأس فؤاده شبران، ومن رأس فؤاده إلى مفرق رأسه شبران . فإذا فتح يديه ومدهما يمنة ويسرة كما يفتح الطائر جناحيه وُجِدَ ما بين رأس أصابع يده اليمنى إلى رأس أصابع يده اليسرى ثمانية أشبار".

مستنتجين النتيجة الباهرة التالية :

"وعلى هذا المثال والقياس يعمل الصناع والحذاق مصنوعاتهم، من الأشكال والتماثيل رالصور، مناسبات بعضها لبعغى في التركيب والتأليف والهندام، كل ذلك إقتداء بصنعة الباري..".

يتوجب فهم عبارتهم (إقتداءً بصنعة الباري) كغحالة على الطبيعة في الفلسفة اليونانية، أي على فكرة محاكاة الطبيعة المعروفة جيدا في تاريخ الفن الغربي إلى يومنا هذا كمبدأ أساسي من مباديء الفن.

 

وبعبارة أخرى فإننا أمام مشكلة الرسم التشخيصي بعينها أو أمام التمثيل الـمُحاكي représentation في الفن الإسلامي.

 

قبل التوغل بهذا الموضوع لنقل الآن أن تاريخ الفن قد منح في لحظة من لحظات تطوره الفن الإسلامي صفة (الفن التطبيقي) و(الفن الصغير) مقاربة بالفنون الكبيرة كالتصوير والنحت. سوى انه بعد أن جرى قبول أفكار مدرسة البوهاوس التي حاولت إعادة الاعتبار للفنون الطفيفة وتقييمها كفنون حقيقية فان الفن الإسلامي قد تعوطي بشكل أساسي على انه فن زخرفي وفن للخط. في حين انه لم يجر النظر إلى الرسم الإسلامي (يعني panting  بالانكليزيو و peinture بالفرنسية) بجدية إلا بعد معرض الفن الإسلامي في ميونيخ سنة 1910 الذي تلاه معرض مماثل آخر في باريس. زار المعرض الأول كاندينسكي ويبدو بأنه قد غيّر اتجاه بحثه التشكيلي انطلاقا من تلمسه للجوهر التجريدي للفن الإسلامي، حيث انه سيشير في كتاباته النظرية اللاحقة إلى فن الإسلام ولو بنوع من الالتباس. كان ماتيس من جهته قد تأثر، حسب عبارته هو نفسه، بالفن الإسلامي بعد معرض باريس.

 

كان الفن التشخيصي موجود بالطبع رغم التحريمات الفقهية المنافقة. كانت الحوامل الأساسية لهذا الرسم ورق المخطوطات والرق. لم يكن الرسم على القماش قد اكتشف بعد وسننتظر وقتاً طويلاً لنرى تحقق أول لوحة معمولة على القماش في القرن الرابع عشر الميلادي في أوربا.

إن المنمنمات التي  هي أبرز أشكال الرسم التشخيصي الإسلامي كانت تقدم تصويرا بلاستيكياً لقصص أدبية وتاريخية لعل مثالها الأهم هو مقامات الحريري التي توجد منها عدة نسخ موزعة في متاحف العالم. واحدة منها مرسومة على يد العراقي الواسطي سنة 1237م. إن الـ 91 رسمة من رسوم الواسطي التي يشغل بعضها صفحتين من المخطوطة قد عُرضت منفصلة في باريس سنة 1938. لكي نأخذ فكرة عن أهمية عمل الواسطي ها هي حجوم بعض الأعمال بالملمتر 220-194 و276-253 و280-259و261-243و260-138و260-348. لقد حللت هذه الأعمال مرات كثيرة ومنح رسامها لقب الفنان الكبير وكان البعض يذهب إلى القول بان أسلوبه الواقعي أو الطبيعي وان تكويناته وخطوطه الخارجية تليق برسام لوحات مما هي برسام منمنمات. لقد فهم عن حق بمثابة وثيقة بصرية دون سابقة تقّدم توصيفا للحالة الاجتماعية للعراق وللعالم الإسلامي في تلك الحقبة. يرينا رسمه الوجهات اليومية: أنماط العمارة، الأثاث، الأسلحة، الملابس، الرايات، طريقة التقاضي، الزواج، تجارة العبيد، الدفن، التنقل، الاجتماع بصالونات الأدبية، الولادة..الخ (7و8و9و10)

 

لقد قورنت أعماله بالسجادة الحائطية المعروفة بسجادة مدينة بايو Bayeux المعمولة في القرن الحادي عشر المسماة ايضا سجادة الملكة ماتيلدا. نفّذ العمل سنة 1077 من أجل أسقف مدينة بايو اودون Odon وهي تتضمن 58 مشهداً تختط الحوادث التي مر بها غزو إنكلترا مشروحة باللاتينية وتقدم صوراً لـمجاميع بشرية وضرائح ومشاهد من الريف الأوربي وكلها مرسومة بشكل إجمالي.

 

في السياق الاجتماعي للفن الإسلامي  فإننا نميز بشكل أساسي بين نمطين من الفن:

 

أولا: فن رسمي، حكومي، كانت الدولة مهتمة بالترويج له في الأماكن العامة مثل المساجد والمدارس والأضرحة والمقابر الخ. هذا الفن هو فن تجريدي ذلك أن الدولة المتأسسة على تعاليم دينية نسميها محافظة كانت ترفض أي رسم مشخص وهي تعتقد أنها بذلك تُسامي مشاعر الناس عبر هذا النمط من التجريديبة والهندسية أو النباتية.

 

ثانياً: فن آخر غير رسمي، أما يتعلق بما كان يقدم بعيدا عن عيون الجمهور العريض في البلاطات مثلاً أو يتعلق بكلا القطاعين المثقف والشعبي. وهو يقوم على تقديم مشاهد رسم خرافي أو تاريخي أو فلكلوري. هذا الفن صريح بتشخيصيته، كما نراه في المنمنمات، وفي حالة فن السيراميك فقد كان يقدم أمثلة تصويرية باهرة لا تقل أهمية البتة عن الرسم المعمولة على حوامل أخرى.

 

لكن ثمة نمط آخر من الرسم  من طبيعة أخرى ألا وهو الرسم  ذو الحمولة العلمية: رسم الحيوان والصيدلة وعلم الفلك. يصير الفن الإسلامي في هذا النمط من الرسم التوضيحي أداةً موضوعة في خدمة نظرية المعرفة التي تقوم على أساس إحصاء وتصنيف وتحليل موجودات الطبيعة. والمثال على ذلك هو (رسالة في الكواكب الثابتة). إن مؤلفها الحسين ابن عبد الرحمن بن عمر ابن محمد الصوفي كان بدوره رساما كبيرا في تقديري. فهو يعلن مثل الواسطي في نهاية المخطوط بأنه هو نفسه من نفذ تلك الرسوم. تكشف رسومه عن فنان يسيطر على أدواته. وفيها ثمة ثقة في تحديد الخط الخارجي ودقة في تمثيل الحيوانات خاصة. إن الطبيعة البلاستيكية لهذه التمثيلات البصرية المرسومة انطلاقا من نقاط تمثل النجوم ستتبين أكثر فأكثر من دون تلك النقاط ومن دون الملحوظات المكتوبة على أطرافها. حاولنا بمساعدة الحاسوب أن نمحو كل ما يمكن أن يمنع مشاهدة الطبيعة الفعلية لرسوم الصوفي (شكل 11و12و 13).

لم يكن هدف هذه الرسوم جماليا من دون شك. لقد كانت تخدم أغراض العلم الصرف. سوى أن لهذه الرسوم استخدام اجتماعي كذلك، لأن الرسم العلمي كان يساهم في التطور العام للمجتمع عبر اشاعة وتعميم المعرفة وجعلها في متناول عامة الناس.

وباختصار من الصعب هنا كما في جميع ممارسات الفن الإسلامي أن نفصل (الوظيفي) عن (الجمالي). هكذا سنرى أنه حتى في فن أكثر أشكال الخط شكلانية وجمالية كان يتوجب إشهار الحكمة، وظيفته هو إعلان الحكمة على الملأ سواءا كانت سورة قرآنية أو حديثا نبويا أو قولاً مأثوراً. وبمعنى آخر كان يتوجب عليه، إلى جوار المؤسسات الرسمية الأخرى، أن يساهم وأن يوثق ويوطد مفهومات الدين الإسلامي (رسم 14).

 

 

لنقم بتوكيد النقاط الثلاث الأساسية:

أولاً: إن الممارسة اليدوية هي أصل كل ممارسة بلاستيكية. فالفن قبل كل شيء آخر، أو إلى جوار الأمور الأخرى (مثل الموهبة والإبداع والإلهام وما شئنا)، هو سيطرة على حرفة يدوية. انه حرفة يدوية والرسم حرفة.

ثانياً: من هذا الأصل الحرفي طلعت جميع القطع المنتجة في الفن الإسلامي.

ثالثاً: هذا الأصل الحرفي مترسخ ترسخا كبيرا في التاريخ القديم لمنطقتنا قبل وبعد الإسلام.

 

بهذا السياق المحدد سيتوجب فهم الفن الإسلامي وليس بأي سياق افتراضي، خارجي آخر. ها هو التعريف الممكن حسب وجهة نظرنا لفن الإسلام:

إنه تراكم من التقاليد الحرفية السابقة على ظهور دين الإسلام الذي نزه وصفى نهائيا صورة الله عن كل تجسيم.

 

ترسيمنا لحدود الفن الإسلامي من وجهة النظر هذه يود التشديد على أن أشكاله وموتيفاته كانت موجودة في الثقافات القديمة خاصة الثقافتين الرافدينية والمصرية. لماذا نشدد على ذلك؟

لأن غالبية مؤرخي الفن يقولون بأصلين اثنين للفن الإسلامي: اصل بيزنطي وآخر ساساني، وليس أبدا اصل محلي. يمكننا أن نقرأ مثلا ما يلي لأحدهم: "العرب (يجب أن نقرأ المسلون) لم يكن لديهم أي فن خاص بهم ولم يكن لديهم أي ماض فني ومع ذلك فقد توصلوا إلى تشكيل أسلوب ذي عناصر مأخوذة من الفنون الأجنبية خاصة من الفن الفارسي ومن الفن البيزنطي. ها هنا مثال يوشك أن يكون فريداً في تاريخ الفن..". وعلى نفس النبرة يمكن قراءة توكيد الفرنسي ميجون التالي: "لم يكن الشعب العربي يمتلك أي فن خاص وأصيل وكانت ينقصه أيما فهم معماري". هذان الرأيان مكتوبان سنة 1926 وبلغة قليلة المراوغة سوى أن غالبية ما سيقال بعد ذلك التاريخ يذهب بالاتجاه نفسه بالضبط. هكذا سيكتب مؤرخ فني معروف مثل إيلي فابر: "إن معجزة العقل العربي انه كان هو نفسه في كل مكان وفي أيما مكان كان يهيمن من دون أن يخلق شيئاً هو بنفسه". أما الألماني أرنست دايز فعلى الرغم من حذره العام وتحوطه فان أحكامه تتبقى حازمة وباتة: "في الإسلام لم يكن هناك البتة خلق لشيء جديد".

 

حسنا، علينا أن نعترف بوضوح أن أصلاً بيزنطيا أو غير بيزنطي للفن الإسلامي يتطابق مع حقائق التاريخ لكن بشكل جزئي ويحتاج إلى تبصر عميق. ذلك أن الدولة الساسانية وريثة الاخمينيين قد أخذت جميع معارفها وعلومها من الآشوريين في نهاية المطاف وان المساهمة المسيحية، الآرامية والعربية، في بناء الفن والفكر البيزنطي يجري تجاهلها بالكامل كما برهنا على ذلك في كتابنا (الفن الإسلامي والمسيحية العربية).

 

نقول أن تقاليد الحرفة الفنية التي ينبثق منها الفن الإسلامي جد عريقة. نستمع لباحث عادل مثل غابان Cabanes وهو يكتب مذكّرا بالمساهمات الرافدينية وغيرها في الثقافة اليونانية: "في قطاعات التقنية فان الإرث كان يسبق العالم اليوناني: (مثل) تعدين البرونز ثم الحديد، طرق النسج، استخدام الدولاب للفخار، مبدأ العجلة، تقنيات الري، تدجين الحيوانات والكتابة.." انتهى ما يقول ويمكننا إضافة علم الفلك البابلي.

 

ها هنا إذن مناسبة لمعاودة القول أن استمرارية تقاليد الحرفيين القدامى التي نراها خاصة في مجالات النسيج وأعمال الفخار والزجاج ستتبقى محفورة في الفن الإسلامي. وعلى الخلاف من مبدأ الاستعارة الفقيرة من الآخرين يتقدم الفن الإسلامي وكأنه آخر إنجاز لتطور طويل من طبيعة اجتماعية وتاريخية وفنية.

 

 

 

 

 

 

 

 

لنأخذ بعض المجالات التي نرى منجزات مهمة في الفن الإسلامي ولنتحقق مما نقول

 

النسيج:

لنقفز مباشرة إلى فترة الفينيقيين ولنرى إلى ازدهار صناعة النسيج إلى الفينيقيين المتأثرين بشدة بمشاغل نسيج مصر الفرعونية. لقد استمر إنتاج المنسوجات ذات القيمة الفنية العالية بالتطور وهو يجيب على حاجات جديدة وذوق متغير لزبائن جدد.

في بعض الرسم المسيحي المنفذ في سوريا وفي الحضر وفي تدمر وفي دورا أوروبوس (أي صالحية الفرات حالياً) تستطيع العين المنتبهة ملاحظة حضور الأزياء المحلية عينها الموجودة حتى اليوم في ريف الشام (شكل 15 و16). هذه الأزياء تدلنا أن ثمة سوقا، وأن ثمة طلباً وعرضاً وأن ثمة صناعة متطورة للغاية. لقد تابعت سوريا تقاليد رافدينية طويلة لتصنيع النسيج في المدن الواقعة على ضفاف الفرات. بفضل هذه الاستمرارية بالضبط عرف فن النسج في الفن الإسلامي هذه الأهمية، خاصة في مصر الفاطمية التي وصلتها منجزات مصر القديمة بفضل سكانها الأقباط وقبلها في العراق العباسي. ثمة نوعان من النسيج المعروف جيدا في لحظات ازدهار الحضارة العربية الإسلامية هما (القباطي) و(العتّابية). الأول مصري والثاني يأخذ اسمه من محلة في بغداد العباسية كانت معروفة بإنتاج النسيج.

 

لقد توقف الباحث طويلا أمان هذه الظاهرة: إذا كان صناع النسيج لا يشيرون لأسمائهم في الفن الشرقي القديم فانهم يفعلون في الفن الإسلامي. هؤلاء قد أدركوا للمرة الأولى، ربما في التاريخ البشري، أهمية الدور الاجتماعي الممنوح إليهم. وليس بمحض الصدفة لوحدها أن تكون مصر والعراق هما البلدين الأساسيين المنتجين للنسيج في الشرق الأوسط. إن الموتيفات الفنية على النسيج الإسلامي التي يقال لنا إنها مستلهمة من الفن الساساني مثل حيوان السُمرُغ حيث يظهر الحيوان محاطاً بمربع

 هي من أصول مصرية قديمة بالأحرى حيث انه يظهر على المنسوجات القبطية حتى الفترة الإسلامية. تداول الموتيفات يعني أن هناك تداولاً مماثلاً للملكية وللأيدي العاملة وللفنانين وهذا التداول كان الشرط الأول للتجارة. سيتزايد هذا التدول بالطبع مع زيادة انتقال عملتي الذهب والفضة أثناء الفترة الذهبية للإسلام حيث يطارد العمال والحرفيون كما نعلم الأموال أينما كانت، مثلما يحدث في منطقة الخليج وفي هجرة العمال والكفاءات إلى أمريكا اليوم. إن تواقيع الفنانين الموجودة على النسيج تعني كذلك أن الأوساط المتنفذة في السلطة لم تكن لتقتنع فحسب بالنوعية الجيدة التي صارت تعم الأسواق لكنها كانت تطالب بعلامات تميِّز ملابسها التي هي رمز لمجد سياسي وانتصار مؤسساتي. يعطينا كاتلوغ (نسيج مصر، شهادات من العالم العربي بين القرنين الثالث عشر والخامش عشر/ مجموعة بوفييه) فكرة عن هذه التواقيع. إننا نقرأ على بعض قطع ذاك النسيج بأنهنا قد عملت في طراز مصر تحت يد الحسين أو أنها عملت بإشراف بشر أو بإشراف عبيد سنة  320 هـ وبإشراف شافع سنة 321 هـ وبإشراف جابر وبإشراف فائز سنة 347هـ. لقد فسّر التعبير (عمل بإشرف فلان) على انه إشارة إلى مدراء المعامل أو إلى مراقبي نوعية النسيج وليس إشارة إلى الفنانين. غير أن مديراً أو مراقباً لنوعية المنسوج يجب أن يكون ممارساً ومسيطراً على المهنة قبل أن يكون مسؤولاً إداريا. كان مراقبو المشاغل يأخذون أجورا عالية. يذكر لنا الصابي المتوفى سنة 1056م وهو مؤلف (كتاب الخراج) ان الحاكة والنوالين والمطرزين والخياطين في مشغل الخليفة المكتفي (حكم بين 901م و907م) كانت ثلاثة آلاف دينار شهريا أي 100 دينار يومياً. كانت هناك شخصيات معروفة تشتغل بشكل أساسي بالنسيج مثل المتصوف خير النساج ورجل الدين أبو بكر الصبغي المتوفى سنة 955م. ويُذكر أن والدة الخليفة الرشيد الخيزران (ماتت سنة 987م) كانت قد استخدمت مسيحيا عراقيا كمسؤول عمن مشغل الكوفة للنسيج. ويضع الرحالة ابن جبير تحت تصرفنا هذه المعلومة: أن شخصا اسمه يحيى بن فتيان الطراز كان يطرز بالذهب في طراز الملك غليام الثاني[4].

 

الفخار

يقبل المتخصصون بتاريخ الفخار اليوم أن بلاد الرافدين (بما فيه بلاد الشام الكبرى بالطبع) كانت مهد مهنة الفخار. وهم يعتقدون انه قد اكتشف في مدينة جرش.

واحدة من اقدم قطع السيراميك (ونحن هنا في صلب الفن)، هي المزهرية أحادية اللون الأحمر من الألفية الخامسة ق م التي اكتشفت في حسوُّنة في العراق.

عندما كانت سوريا تحت الهيمنة الإغريقية الرومانية فإنها صارت تقلد لبعض الوقت الفخار اليوناني الذي كان يسيطر، منذ غزوات الاسكندر المقدوني، على أسواق الشرق.

كان الفخار يتأصل في المنطقة حتى ظهور الإسلام. بعض موتيفات الفخار الرافديني تطور فرضيتنا الزاعمة أن الموتيفات الهندسية والنباتية الإسلامية تجد أصولها بشكل واضح هناك. إن الصحن الموجود الآن في المتحف العراقي، من الألفية الخامسة قبل الميلاد، يكشف عن قرابة داخلية بين الموتيفات المسماة إسلامية بحيث أن العين العارفة نفسها لن تستطيع التعرف بسهولة علىأصل هذا الصحن (شكل 17). إن الألوان وطريقة تراتب العناصر الهندسية وان الروح التي تطلع من هذا الصحن تلتقي أوسع نطاق مع مثيلاتها الموجودة لاحقا في الفن الإسلامي وبتشكيلات مماثلة. انظر مثلا الباب الفاسي (شكل 18).

بهذا السياق فما يجدر ذكره أن العناصر الهندسية، وعلى وجه الخصوص المعينات والمثلثات، قد استمرت بالوجود في منطقتنا حاملة معها نفس الروحية الفنية في الفن الإسلامي، خاصة عبر فن السجاد وفن العمارة اللذين يشكلان ممارسة ذات استخدام اجتماعي. من بين عدة أمثلة يوجد لدينا مثال سجل جدارية المقبرة الملكية في أور (المتحف البريطاني، شكل 19). المعينات والمثلثات الموجودة على خط واحد في تلك الجدارية تظهر في زخارف القطع الإسلامية (20). وفي المشاهد التشخيصية في قصر مدينة ماري وفي الديكور الزخرفي في دور شوروكين (القرن الثامن ق م) وفي تل بارسيب (تل الاحمر) فان زخارف الملابس تمتلك عموما قرابة لونية وهندسية بدورها مع ما سيصير التجريد الكامل في الفن الهندسي الإسلامي. هذا الفن سيحتفظ فحسب بالأشكال الصافية المتوائمة التي قد هجرتْ التمثيلات التشخيصية (شكل 21و21A ).

 

التزجيج

 

لقد اشتهرت صناعة الزجاج في سوريا البيزنطية. كانت صيدا وصور تبيعان منتجاتهما الزجاجية المطلوبة بأسعار عالية. حسب المؤرخ سترابو فان هاتين المدينتين كانتا تزودان العالم القديم بأفضل الزجاج حتى العصر الروماني. إن حقيقة وجود رمال تُستخدم في تصنيع الزجاج تشرح لنا لماذا كانت هاتين المدينتين تنتجان وتصدران أوان معمولة بطريقة القوالب قبل اكتشاف طريقة الزجاج المنفوخ. ويبدو، حسب المؤرخ روستوفتسييف، أن اختراع الزجاج المنفوخ الذي فتح سبلا جديدة لصناعة الزجاج قد اكتمل في نهاية القرن الأول ق م.

 

في مصر وفي قبرص وفي إيطاليا وفي جنوب روسيا وجد الآثاريون أوان زجاجية تحمل تواقيع شخص اسمه أنيون الصيداوي المعتبر كأشهر حرفي للزجاج في القرن الأول بعد الميلاد. كان هناك حرفي آخر من صيدا يمتلك مشغلاً في كولونيا.

بعد ذلك الوقت وعبر الكنيسة النسطورية العراقية فان السريان الأقرب زمنيا وجغرافيا من الحقبة الإسلامية سيدونون جميع الوصفات الكيمياوية القديمة في تلوين الزجاج وهو الفن الشرقي عن جدارة حسب تعبير الروسية بيغولفسكايا. هذا الفن سيتعمم استخدامه في الغرب اللاتيني. سيستمر الحرفيون المسلمون لاحقا، حسب راشيل حسون، استخدام التقنيات المتطورة في العالم الكلاسيكي وسارعوا بتطوير صناعة الزجاج في المدن الإسلامية" إن افضل إنجازات الزجّاجين المسلمين، ودائما حسب تلك الباحثة، قد ورثوا تقنيات تلك القطع المكتشفة في نمرود".

 

هل هو من قبيل الصدفة أن تكون افضل المصنوعات الزجاجية في تاريخ الفن الإسلامي قد صنعتْ في سوريا وتحمل، وهو شيء نادر، تواقيع الفنانين. تدفعنا القطع الموقعة إلى تخمين وجود قطع أخرى موقعة ضائعة بسبب هشاشة الزجاج. من بين القطع التي تحمل أسماء الفنانين هناك واحدة تحمل اسم عمر بن إبراهيم وقطعتان يحملان اسم (يوسف الإسكندراني من دمشق) واخرى اسم نصير بن أحمد بن هيثم وأخرى مكتوب عليها (عمل عباس بن نصير بن جرير بن سعيد القلاوي) من العصر الفاطمي. وفي متحف بانكي اليوناني قطعة موقعة من (سعد) وهو خزاف أطبقت شهرته الآفاق ويبدو انه كان يمارس فني الخزف والتزجيج كليهما. وفي متحف ميمارا في زغرب قطعة زجاجية موقعة بيد (أبو محمد الـ..) من سوريا القرن الرابع عشر الميلادي. وقطعة قديمة موجودة في المتحف العراقي موقعة من طرف زجَّاج اسمه (محمد).

هذه التواقيع ليست من دون دلالة ثقافية كما يتصور بعض الباحثين العرب. إنها شواهد ملموسة تعطينا انطباعاً قوياً إذا لم نقل أكيداً أن حرفيي الزجاج كانوا موضع احترام في الحياة الحرفية والثقافية الإسلامية. كان هناك الكثير من الشخصيات المرموقة التي تمارس صناعة الزجاج، حتى أن الوزير أبا جعفر أبي الفضل كان حاذقاً في فن الزجاج، حسب نص تراثي. أما النحوي الشهير الزجَّاج (كان حياً سنة 965م) فقد كان أستاذاً في المهنة، معلماً أو أسطه. كان يكسب كحرفي زجاج، وذلك قبل شهرته وغناه، درهماً ونصف يومياً. ويُذكر أن عدد مشاغل الزجاج في بغداد في القرن الحادي عشر الميلادي كان يناهز الثلاثة آلاف مشغلاً. وهذا ما يُفسِّر لنا هوس خلفاء بني العباس بالزجاج حيث كان الراضي هاوياً يمتلك مجموهة كبيرة وفريدة منه. ثمة الكثير من المرويات التاريخية (التي حاولنا طيلة سنوات تجميعها) التي تسجِّل لنا شذرات عن هذه الحرفة، مثل تلك التي تقول لنا أن والد الصوفي الكبير أبو القاسم بن محمد بن الجنيد كان زجاجاً.

لا ينسى مؤلف دليل متحف اللوفر أن يذكر لنا أن قطع الزجاج "قد نفِّذتْ، كما يبدو، في مشاغل تقع شمال سوريا، ثم أنها انتقلت لاحقاً إلى دمشق حيث ما زالت قائمة إلى أيامنا هذه". أما متحف (هاآرتز) الإسرائيلي فأنه يحتفظ بقالب فخاري لأنتاج آنية زجاجية وهو مصنوع في بغداد في القرن العاشر الميلادي (شكل رقم 23).



[1] انظر حسن الباشا : فنون التصوير الإسلامي في مصر، الهيأة المصرية العامة للكتاب، القاهرة 1994، ص33.

[2] الكوكباني: حدائق النمام فيما يتعلق بالحمام، الدار اليمنية، بيروت 1986ص205

[3]  الشيخ جلال الدبن السيوطي : نزهة المتأمل والمرشد المتأهل في الخطيب والمتزوج، تحقيق: الدكتور محمد التونجي، دار أمواج، بيروت، ط2 سنة 1989ص89

[4]  رحلة ابن جبير ص299 دار صادر سنة 1980