شاكر
لعيـبـي
فن
الكاريكاتور
عند قدماء
المصريين
www.perso.ch/slaibi
ليس
جديدا القول
ان المصريين
شعب يحب
النكتة. لقد
أقيم البرهان على
ذلك ليس عبر
الأفلام
والمسرحيات
التي تعاود
قول الفرح
والتنكيت في
حياة مصر
اليومية ولكن
كذلك عبر
البحث الأثري
والتنقيب في
فن الرسم
الفرعوني.
لدينا اليوم
بضعة برديات
ورسوم جدارية
وتماثيل تسمح
كلها بتكوين
فكرة شبه
دقيقة عن فن
الكاريكاتور
لدى المصريين
القدامى.
فالبردية
المحفوظة
اليوم في متحف
مدينة تورينو
الايطالية
تمثل علاقة حب
بين كاهن
فرعوني
وراقصة. جري
تمثيل الرجل
اصلعاً وذو
حركات مضحكة
من الصعب
تقديم توصيف
أدبي لها.
الملاحظ هنا
انه رغم
معرفتنا
بالتدين
الشديد للشعب
المصري، منذ
أقدم العصور،
فانه كان يجرأ
على الخروج
قليلا إلى
فضاء المرح
وعلى إرسال (قفشاته)
البريئة عبر،
مثلا، هذه
العلاقة
المصورة بين
كاهن وراقصة.
لقد كانت وما
زالت مثل هذه
الموضوعات
حقلاً
للتنكيت
والسخرية.
وكما
هو الحال
اليوم،
فالنساء لم
يكنَّ بمنأى
عن العين
الشرسة
واللسان
السليط
المتعارف
عليهما سواء
لدى رسامي
الكاريكاتور
المعاصرين أو
لدى رسامي
الكاريكاتور
المصريين.
ومثالا على
ذلك فان سور
مدينة طيبة
المصرية
يقدِّم لنا
تصويرة
لوليمة نرى
فيها
النبيلات
المدعوات وهو
يرتدين ثيابا
قليلة
الحشمة، ونرى
الخادمات
يحملن إليهن
الاباريق
والطسوت.
الرسم من دون
شك رسم
كاريكاتوري
ربما لن
يضحكنا
اليوم، أي بعد
آلاف السنوات
من تنفيذه،
ولا نجد فيه
شيئاً متميزا
للإضحاك لكنه
الأمر لم يكن،
يومذاك، سوى
نوع من
السخرية
المقصودة.
السخرية من
النساء خاصة
وهي ثيمة
ستظلل تتكرر
دون ملل في
جميع العصور
ولدى شعوب
الأرض قاطبة.
لماذا نرى
السخرية ها
هنا وليس
شيئاً آخر؟
السبب هو أن
الفن كان
يعتبر شيئاً
طقسياً وكان
مرات يعتبر
أمراً سحرياً
أو تعزى إليه
القدرات
السحرية ولم
تكن وظيفته
البتة
السخرية أو
الإضحاك. من
هنا نرى اليوم
إلى ندرة وقلة
النوع الفني
الكاريكاتوري
لدى الشعوب
القديمة. قلته
ولكن ليس
انعدامه.
إلى
جانب السخرية
من النساء ثمة
ثيمة أخرى
نعرفها نحن
اليوم ستطلع
من حينها في
الفن المصري
إلا وهو
الكلام على
لسان
الحيوان، أي
التعبير عن
مشاعر الآدمي
وأشواقه
وحكمته
ومخياله عبر
عالم الحيوان.
وحسب مؤلف
كتاب (فن الضحك
الكاريكاتور)
ارسين
الكسندر،
المطبوع في
باريس في
السنوات
الأولى من
القرن
العشرين، فان
الشاعر
الفرنسي
فونتين ربما
كان حكاياته
الموضوعة على
السنة
الحيوانات من
الفن المصري،
وذلك بعد رحلة
قام بها إلى
مصر للترويح
عن النفس.
سوى أن بردية
تورينو تحمل
على جهتها
الأخرى
الكثير من
مشاهد
الحيوان
الكوميدية :
ثمة أسد يلعب
لعبة تشبه
الشطرنج مع
غزالة. تبدو
الغزالة
وكأنها تغش
الأسد في
اللعب ولا
يبدو الأسد
لذلك مسروراً
البتة. ثمة
مشهد يصور حرب
الفئران مع
القطط.
وبالطبع
فالقطط هي
التي تهاجم.
نرى إمرأة-قطة
تضع وردة في
مفرقها وهي
تتشاجر مع
أوزة وهذه
تبدو كعدو صعب
المراس. مرة
أخرى نقول
أننا يمكن أن
لا نضحك اليوم
من القطة
والاوزة
المصريتين
تينيك.
من
هذا الفن يطلع
درس ثمين جدا
جدير
بالتسجيل
والفحص: ألا
وهو أن فن
الكاريكاتور
عبر لسان
الحيوان يبدو
وكأنه الشكل
المفضل
للسخرية
الإجتماعية
لدى الشعب
المصري. إننا
أمام درس في
علم الاجتماع
في الحقيقة
ونحن نرى كيف
أن شعبا من
الشعوب، يعيش
في ظل سلطة
أوتوقراطية
مستبدة وذات
تراتبات تشيع
الظلم على
الطبقات
المسحوقة،
يستطيع تقديم
الأمثلة
الساخرة ونقد
النظام
الأوتقراطي
عبر
الكاريكاتور.
لقد كان هذا
النقد يجري
خفية بالطبع
وعلى استحياء.
إننا لا نؤول
شيئا. ربما
يكون هذا
الشكل الفني،
أي
الكاريكاتور،
من جهة أخرى،
الشكل
التعبيري
الأكثر جرأة
في النقد من
بين جميع
أشكال الفن
لدى المصريين
القدامى. وذلك
أن هذه الجرأة
تتأتى من أن
الحيوانات
كانت رموزاً (مقدسة)،
جد مقدسة، في
الديانة
الفرعونية
وتجري
عبادتها في
طول البلاد
وعرضها. ثمة
مشهد كوميدي
لفرقة
موسيقية
تتألف من
الحيوانات. كل
حيوان يأخذ
مكانه
المناسب بشكل
فكاهي بما
فيها التمساح
الذي هو حيوان
في غاية
القداسة في
الشرع الديني
الفرعوني (لأسباب
يطول شرحها
هنا). انه
مرسوم وهو
يغلق فكيه
أثناء ذلك
الإنخطاف
الهارموني مع
الجوقة.
بإمكاننا هنا
أن نلتقي
نـزقاً
عالياً بل خفة
واستخفافاً
بالعرف
الديني
التقليدي لدى
رسام
الكاريكاتور
الفرعوني
يخرجه من
تدينه العميق
المعهود.
انه
لشيء يبعث على
الفرح
والمتعة أن
نرى كيف كان
المصريون
يدرسون
الإنسان نفسه
تشكيليا. لقد
كانوا ينقبون
في تعبيراته
ويقتفون
حركاته
ومواقفه
وتعبيرات
وجهه الأكثر
أو الأقل
تلقائيةً. في
متاحف العالم
اليوم ثمة
الكثير
من هذه
التماثيل
التي تصور
مشاهد الحياة
اليومية بأدق
تفاصيلها في
مصر القديمة.
البعض منها
يحمل سمات
كاريكاتورية
مثل تمثال
الخباز الذي
يسوي عجينته
وكأنه كان
يعلق : لتخمير
العجينة ليس
هناك خبازان
على شاكلتي!!.
كما أن تمثال
القزم
المصوَّر
ببطن متهدلة
وأقدام
مفرطحة قصيرة
وعريضة ورأس
على هيئة
الكمثرى هو
مثال على آخر
على نزعة
كاريكاتورية
مماثلة.
الأمثلة
متنوعة
وتستحق بحثاً
طويلاً.