(القمرية) زينة المعمار اليمني ومنبع للإضاءة

جازان - محمد مجيري:

القمرية اسم يطلق على الفتحات المقوسة التي تعلو عادة النوافذ مباشرة في العمارة اليمنية، والقمرية يعتقد ان اسمها اشتق من الوظيفة التي تقوم بها وهي السماح لاشعة الضوء بالنفاذ الى داخل حجرات المنازل لا سيما منها اشعة ضوء القمر في الليالي المقمرة وذلك عندما كانت وسائل الاضاءة الحديثة منعدمة انذاك ومحدودة الانتشار والقمرية مرت بمراحل تطور مختلفة سواء في اشكالها او احجامها او اغراضها واليوم الى جانب الاغراض المتوخاة منها اصبحت ذات قيمة جمالية اما البدايات الاولى للقمرية فقد كانت على غير ما هي عليه اليوم وانما عبارة عن عقد مقوس يمتد رأسياً بطول اكبر من الامتداد الافقي ولم يكن يولي العناية الفائقة كما هو الحال وكان هذا الطوق يلف حول قطعة مرمرية او رخامية بلورية تسمح بنفاذ اشعة الشمس والقمر إلى الداخل وهذه المادة المرمرية كانت في العادة تجلب من مناطق بعيدة ومحدودة للغاية كوادي ظهر قرب العاصمة صنعاء او من محافظة المحويت ولانها نفذت من المحاجر التي كانت تستخرج منها ونظراً لمواكبة التطور جرى الاستعاضة عنها تدريجياً بالزجاج الملون الذي يجري استيراده من الخارج دون ان يؤثر على الطابع التقليدي للعمارة اليمنية الذي لا يمكن تصوره بغير القمرية ولو بهيئتها ان تعطيه رونقاً وبعداً جمالياً يميز المعمار اليمني بخصوصيته الفريدة والقمرية تصنع في الماضي من الجبس على شكل رسوم واشكال متعددة مطرزة ومطعمة غالباً بالزجاج، هذا ويكون الاعتناء بالقمرية ونوعيتها يختلف من غرفة إلى أخرى والغرفة الأخيرة يطلق  عليها اسم "المفرج" او "الطي رمانة" غرزفة استقبال الضيف في اختيار النوعية الجيدة للقمرية، وكذلك حجمها، هذا وتشتهر صناعة القمريات في محافظة المحويت التي تشتهر بصناعة القمريات بمختلف انواعها واشكالها، هذا وكانت العمارة اليمنية متميزة منذ القدم الى يومنا هذا بطابعها التقليدي العريق الذي جعلها منظراً خاصاً لزوار اليمن، وكذلك تتميز "القمرية" بنقوشها الفسيفسائية الملونة وتنميقاتها الزخرفية والفنية ذات الطابع الجمالي والتي تبدو كما لو انها محاكاة للفن الحديث بتداخل الوانها وتمازجها وتتميز بطابعها العربي الاسلامي المميزة هذا و"القمرية" من الفن المعماري الذي اورثه الاباء لابنائهم والذي تعرض لتطورات متعددة والتي من اهمها النقوش ذات الفوائد المتعددة فهي منافذة للاضاءة وتحجب الرؤية من اماكن مرتفعة من فتحاتها الصغيرة اضافة الى انها دوماً تعلو النافذة الرئيسية وكذلك تمكن قيمتها في انها واجهة جمالية مزدوجة فهي تضفي لمسة جمالية على الفن المعماري من خارج المبنى كأقواس ملونة تنفرد بها العمارة اليمنية وايضاً تبدو على شكل لوحة زاهية ملونة لاسيما عندما تنساب الاضاءة من فتحاتها ذات الالوان لمداخل الجلوس والتي تجلب المتعة للناظر إليها كما هو الحال للمشاهد لها من الخارج، هذا وتعد القمريات من الفن المعماري اليمني الأصيل.