قلعة الجاهلي

قاسم دغيم الظفيري

* كما هو معروف فإن هناك تاريخاً قديماً لدولة الإمارات العربية المتحدة أظهرته الدراسات والتنقيبات الأثرية التي أجريت في الأربعين سنة الأخيرة فقد أظهرت هذه الدراسات كماً هائلاً من المعلومات عن المدن والقرى القديمة موزعة في البيئات الثلاث البحرية والصحراوية والجبلية واستطاع العلماء ارجاع الاكتشافات إلى أكثر من ستة آلاف سنة من الآن وكما نعرف أن هاجس الأمن والحماية لسكان هذه المناطق حظي بأهمية بالغة وذلك للظروف السياسية التي كانت تمر بها هذه المناطق في تلك الفترة ويقصد بذلك حماية المدينة أو القرية من هجمات الأعداء وحفاظاً على أرواح وممتلكات واقتصاديات سكان هذه المنطقة ومن العمارة الدفاعية القلاع والأبراج وأتت أشكالها كالتالي على شكلين دائرية ومربعة.ويضيف ناصر العبودي ان الدائرة تسمى في اللهجة (بري وجمعها بروى) أما المربعة فأطلق عليها اسم مربعة أي تعني البرج الدفاعي المربع وما زالت هناك مربعة في منطقة الشندغة في بر امارة دبي وهي تشابه إلى حد كبير مع المربعة الموجودة في عجمان وكلتاهما تقعان على شاطئ البحر وكذلك مربعة (علي بن راشد أو مربعة القرشات) بقرية الخان بالشارقة والذي يبلغ مقاسها 9.10أمتار.الأبراج جميعها أتت بشكل مخروطي أي قاعدة كبيرة المساحة في الأسفل وتصغر كلما ارتفعنا إلى الأعلى (قمة المربعة).ومن القلاع المشهورة في دولة الامارات العربية المتحدة قلعة الجاهلي وتقع هذه القلعة بمنطقة الجاهلي في مدينة العين، وقد بناها المغفور له الشيخ زايد بن خليفة (زايد الأول) عام 1131ه كما يشير التاريخ المنقوش على لوح الخشب الذي يعلو مدخل القلعة الواقع في منتصف جدارها الجنوبي وهي من أكبر قلاع مدينة العين وتعد من القلاع ذات الطراز الرائع في فن البناء والعمارة العسكرية الإسلامية المحلية وتقع هذه القلعة جنوب الحديقة العامة وشمال غرب حديقة الجاهلي وهذا الموقع يسمح لزوار الحديقتين الاستمتاع بمشاهدة هذه القلعة من قرب ويحيط بالقلعة سور مرتفع يبلغ ارتفاعه 6.5أمتار من جميع الجهات ويمتد هذا السور بطول 122م وعرض 88م ويقل من جهة الغرب حيث يبلغ عرضه 75متراً تقع البوابة الرئىسة من جهة الغرب بارتفاع ضخم ويضم السور من الداخل مبنى القلعة.ويذكر بأن المدخل الذي يقع في الجدار الغربي هو مدخل حديث أضيف في منتصف الثمانينات وقد اقتضته أعمال الترميم وقلعة الجاهلي عبارة عن مبنيين أحدهما مربع الشكل وهو المبنى الرئىسي والآخر برج دائري منفصل، أما المبنى الرئىسي فهو عبارة عن قاعة مربعة الشكل أبعادها من الخارج 37\ 35متراً واشتملت هذه القلعة على ثلاثة أبراج دائرية تقع في زواياها الشمالية الغربية والجنوبية الغربية والجنوبية الشرقية ويبلغ قطر كل برج 5.6م وارتفاع كل منها 12.5متراً وتتكون هذه الأبراج من دورين (طابقين)، أما الزاوية الشمالية الشرقية فيشغلها مجلس صيفي بني في الدور العلوي وفيما عدا المجلس الصيفي الذي بني على سطح المبنى فإن القلعة تتكون من دور واحد من الغرف بلغ عددها ثمان غرف أضيفت لها في السنوات الأخيرة ثلاث غرف أخرى من الجهة الغربية.ويذكر أن المدخل الرئيس لهذه القلعة يقع في جدارها الجنوبي ويعلو بوابتها بيتان من الشعر هما:فتح الخير في باب العلاحل فيه السعد بالعلياء المنيفةتهاني العز قالت أرخودار جد شاذ زايد بن خليفةويذكر الدكتور وليد ياسين انه من الناحية المعمارية تعتبر هذه القلعة من أجمل القلاع الموجودة في مدينة العين وذلك بحكم العدد الكبير من الزخارف الجصية التي تزين الرواق الأمامي الذي يحمي غرف الجانبين الشرقي والشمالي من أشعة الشمس المباشرة ومن الناحية التاريخية فإن هذه القلعة أهمية كبيرة لعلاقتها بالتاريخ الحديث لأسرة آل نهيان اضافة إلى الدور الكبير الذي لعبه الشيخ زايد الأول في عموم منطقة الخليج في نهاية القرن التاسع عشر وفي العقود الأولى من هذا القرن.أما البرج الدائري المنفصل والذي يضيف إلى القلعة سمة معمارية مميزة فيقع إلى الجهة الجنوبية الغربية ويبعد عنها حوالي خمسين متراً تحيط بهذا البرج غرف يعلوها سطح يدور حول البرج وفي مكان من هذا السطح يوجد مدخل يؤدي إلى قلب البرج وقد استخدم هذا المكان كمجلس صيفي كما يبدو من نوافذه.ومساحة الغرف الداخلية في هذه القلعة تتوقف على أطوال الخشب المستعمل في الأسقف للمبنى الداخلي وللقلعة مدخلان الأول في الجهة الغربية والآخر في الجهة الجنوبية وأبواب المدخلين مصنوعة من خشب التيك ومحلاة بالزخارف الإسلامية ومطعمة بالمسامير الحديدية ذات الرؤوس الحادة وكذلك برؤوس نحاسية ويعتبر هذا الأسلوب في صناعة الأبواب نوعاً ما للحماية وهي الهدف الأول ومن ثم ناحية جمالية تضيف إلى المدخل جمالاً وروعة كذلك توجد ملحقات تابعة للقلعة تتكون من طابق واحد وتقع على طرفي الجدار المتجه نحو مبنى القلعة الداخلي.وتوجد فوق جدار السور والبرج الاسطواني والمباني التابعة للقلعة على جدار السور والمبنى الداخلي للقلعة الشرفات المثلثة الشكل وتستعمل للاختفاء خلفها واطلاق النار منها وتعطي في نفس الوقت طابعاً مميزاً للمباني الدفاعية في دولة الامارات العربية المتحدة.أما الزخارف فهي كثيرة ولم تتعارض مع الوظيفة العسكرية للمبنى ولم تقلل من شأنه وتوجد الزخارف الجصية في الشرفات التي تطل على فناء المبنى الداخلي للقلعة وتمثل اشكالاً مختلفة ذات مسميات عديدة مثل البنيانة المربعة والسلسلة والورد.. الخ.والآيات القرآنية والأشعار كانت من ضمن الزخارف المستخدمة في تزيين المبنى الداخلي للقلعة.أما المباني الملحقة بالقلعة وبنيت على جدار السور فقد اقتصرت فيها الزخارف على الشرفات المطلة على ساحة القلعة وهي عبارة عن صفوف أفقية من المثلثات في وضع متعاكس.إن برج الجاهلي المدور هو البرج الوحيد الذي تم بناؤه بهذه الطريقة حيث أن تعدد طبقاته يذكرنا بالأبنية البرجية القديمة وبنوع ما بنظام الزفورة وإن لم تكن هناك أية علاقة بذلك، ويبدو بأن البرج المدور كان في الأساس برجاً اسطوانياً للمراقبة أضيفت حوله فيما بعد مجموعة من الغرف لأغراض معينة وبذلك تحول هذا البرج إلى وحدة لقلعة الجاهلي فقد استغلتها قوة عمان في السابق كما استغلها فصيل من جيش دولة الامارات العربية المتحدة وبعد انتقال هذا الفصيل كلفت إدارة الآثار والسياحة في العين بتولي أمر هذه القلعة المهمة، وبالفعل قامت في النصف الثاني من الثمانينات بترميم هذه القلعة والبرج المنفصل كما وأزالت الكثير من المرافق المتأخرة والتي كانت أضيفت إلى هذه القلعة في فترة لاحقة. المراجع: بلدية دبي

الخميس 19 جمادى الأولى 1422 العدد 12099 السنة 37   جريدة الرياض