أسماء مستعارة..!
كتب: ابراهيم أحمد الوافي التاريخ: 2001/07/01
* لعل أهم الملاحظات التي يمكن رصدها حول هذا الانفتاح الإعلامي الكبير المتمثل بالشبكة العنكبوتية (الإنترنت) هو اتكاء المبدعين فيه على الأسماء المستعارة مطلقاً، وهو كما يبدو ذو أبعاد فنية ونفسية.. أما الأبعاد الفنية فتتمثل عند كثيرين في محاولة قراءة ردود الأفعال خارج دائرة الضوء، وهي محاولة رائعة في شكلها الظاهر لكنها لا تستمر غالباً نتيجة حاجة هذا المبدع إلى الضوء الإعلامي الذي كابد وثابر حتى وصل إليه.. وهذا أياً كان هو الجانب المضيء في ظاهرة استخدام الأسماء المستعارة..!
أما البعد النفسي وهو الأكثر وضوحاً في الظاهرة فيبرز من خلال محاولة البحث الجاد عن مساحة أكبر من الحرية الكاملة المتوفرة في هذه النافذة الإعلامية.. والتي تأخذ غالباً شكل الحضور غير المسؤول وهو جانب معتم فيه.. بل إنه يشكل خطورة كبرى على الفكر العربي في ظل اندفاعاته نحو المكتبة الإلكترونية.
وعلى الرغم من انتشار هذه الظاهرة عند الجنسين.. إلاّ أنها تبرز بصورة أكبر عند الجنس الأنثوي لاعتبارات متعددة يقف عند بعضها الباحث شاكر لعيبي حين يقول في إجابته على سؤال لماذا يكتبن بأسماء مستعارة؟: (إن جزءاً من المجتمع الشرقي المحافظ لا يسمح لهن بإعلان أسمائهن الصريحة إذ أن هذا الإعلان يعتبر تجاوزاً على حرمة اجتماعية..) ثم يواصل قوله: (.. إن المجتمع العربي هو تركيبة ذكورية كما نعلم أي أن الذكر فيه وحده المصدر والمرجعية. اسمه هو الاسم الأبرز الظاهر على بطاقة الأحوال الشخصية. هذا درس سوسيولوجي مفيد يتمظهر في كل المناسبات بما فيها مناسبة الإنترنت العربي..) (موقع الشاعر والباحث شاكر لعيبي).
والمدهش في الأمر هو طبيعة هذه الأسماء أو كنهها إذ يمكن تقسيمها إلى ثلاث فئات.. فئة تعبر عن المكبوت النفسي الذي يعاني من حالة القمع الاجتماعي مثل (الغريبة.. صوت الأنين.. الحائرة.. الفجر البعيد).
وفئة أخرى تعبر عن السيرة التاريخية للأنثى الرمز في القصيدة العربية مثل (وله.. الشيماء.. الخنساء.. بلقيس) إضافة إلى فئة ثالثة تعبر عن أفق رومانسي حالم.. مثل (نبتة المستحيل.. أو نزيلة الكوخ.. لازورد.. بنت الريف.. ليلى العامرية).
وكل هذه الفئات إنما وجدت في ظاهرة الأسماء المستعارة عبر الإنترنت متنفساً لها تخرج عبره من خدرها النفسي والاجتماعي، مختارة في الوقت ذاته اسمها الفكري والنفسي والوجداني معاً.
ومن هذا كله نخلص إلى أن للاسم المستعار سواء كان للذكر أو الانثى عبر الإنترنت عمقه ودلالته وبالتالي يظل وقوفنا به وقوفاً فنياً لا يقل عن وقوفنا بالإبداع الذي اقترن به.

جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة اليمامة الصحفية 2004
تصميم وتطوير وتنفيذ جريدة الرياض، إدارة الإنترنت
الرجاء ارسال أي ملاحظات على العنوان التالي:
writers@alriyadh-np.com