وأنتَ
ماذا فعلتْ ؟!
جاكلين سلام
جريدة
الزمان ثم في موقعها: http://www.jackleensalam.com/
حدث
ان اتفق 13 شاعراً وشاعرة عراقيا يقيمون
في هولندا، على اصدار مجموعة شعرية،
وحدث ان اتفق الجميع على غلاف المجموعة!
وكلمة الافتتاحية والتقديم ونوع الخط
وتفاصيل اخرى كثيرة، وهذا في حد ذاته
ليس بالامر السهل كما أعتقد. ومن
المؤكد ان ما حدث كان ضرورة ملحة استمدت
أحقيتها وشرعيتها بالدرجة الأولى
والأخيرة من تضافر هذا العدد من الشعراء
حول مشروع انساني جميل يقدم له الشاعر
كريم النجار بقوله "تأكدتْ لنا اهمية
اصدار سلسلة كتاب تعنى بأوجه الثقافة
والفنون والتراث العراقيين ، باللغتين
العربية والهولندية وذلك لسد بعض النقص
الشديد الحاصل ..... في بلد مثل هولندا
تعتمل فيه عوامل التعدد الثقافي
والعرقي وتتلاقح فيما بينها وتنتج
ثقافة كونية انسانية ...." ولكن
الذي حدث وانا اقرأ تعليق الاستاذ جاسم
المطير حول هذا الاصدار أثار استغرابي
وحفيظتي للتعليق . كنت
آمل أو أفترض بأن السيد المطير لا بد
سيقدم اضاءة ما لنصوص المجموعة قد تكون
مقاربة نقدية او قراءة استطلاعية تتيح
لصاحبها وللمتلقي مشقة ومتعة الاستكشاف
بين عوالم مختلفة النكهة والرؤى
والاساليب ومن خلال اكثر من عشرين نصا
ضمها المطبوع ، ولكنني فوجئت بأن صاحب
الرأي أقصى كل ذلك جانبأ وانصرف فقط الى
كلمة الافتتاحية التي أدرجت في معرض
تقديم الكتاب باسم الشاعر الناقد شاكر
لعيبي! وهذا في حد ذاته كما أفهم اقصاء
لكل تلك الأسماء والنصوص ... فهو بدلا من
ينصفهم – ان كان لديه ما يضيف – همّشهم
جميعا وانصرف للحديث عن تقديم شاكر
لعيبي ونواقص فعلته!- ويذهب المطير في
نهاية حديثه للجزم بأن "هذه التجربة
المهمة لم تدرك ادراكا واسعا فلم يقدم
شاكر لعيبي دعما نقديا للشاعر العراقي
المغترب في البيئة الهولندية" وكأن
نجاح هذه المجموعة واثبات جدواها ينبع
فقط مما كتب في مقدمتها! متناسيا بأن
القارئ والقارئ الحقيقي هو الذي يعطي
القصيدة أبعادها ويستكشف أغوارها ويصيغ
منها مساحة قد تكون غائبة حتى عن ذهن
كاتبها وأستعرضُ هنا كلمة للشاعر عبد
الوهاب البياتي في معرض حديثه عن
المتلقي والناقد اذ يقول " القارئ
الأصيل يكتشف الشعر الحقيقي بنفسه دون
معونة من أحد لأنه يملك موهبة وثقافة
تقترب من موهبة الشاعر الحقيقي". ولنفترض
ان الشاعر شاكر لعيبي لم يعط الكتاب حقه
من الدراسة والعناية النقدية فاسمح لي
أن أسأل وماذا فعلت َ أنت ؟! أليس
" أشعال شمعة خير من أن نلعن الظلام
" ! ولا
ضير أيضا في أن أطرح رأيا مخالفا لما هو
شائع في معرض تقديم كتاب او ديوان،
اختصره بأن كلمة الافتتاحية التي يتم
عادة تقديمها للمتلقي لا تقتضي اطلاقا
شرح العمل وتفسيره ونقده، لأن ذلك يأخذ
من القارئ متعة الاستكشاف والتفسير
ويبقيه بطريقة لا ارادية قارئا سلبيا
وفي ذهنه الصورة المسبقة التي وضعها
المقِدم والتي لا تكون حيادية او امينة
في أغلب الاحيان ...فنحن كقراء لم نجد
يوما مقدمة لكتاب جاء فيها مثلا : ان هذا
الكتاب عزيزي القارئ لا يستحق ان تضيع
ساعة من وقتك لاجله او تصرف عليه اكثر من
دولارين مثلا ... بل نجد العكس تماما،
ونجد بالمقابل في كل الصحف والحوارات
هذا الرأي المكرر: المكتبات سيأكلها
الغبار، لا أحد يقرأ، لاشيئ يستحق
العناء، الكتابة والكتاب في طور
الاحتضار وتحتاج الى مشفى وعلاج سريع
ووو واصبح من حصة كل مواطن اكثر من شاعر
و3 مطربين... ومن
ناحية اخرى ، ارى ان هذه المقدمة والتي
تنفع ان تكون مقالا مستقلا بذاته حول
تاريخ الشعر الحديث في العراق ، تفيد في
اعطاء القراء الغربيين، وخاصة كونها
مترجمة الى الهولندية ،
نبذة عن واقع الشعر الحديث في
العراق والممتد منذ اولى التجارب
الحديثة في القصيدة العربية وحتى
مرحلتها الراهنة وهذا جزء من التلاقح
الثقافي الادبي والانفتاح على الاخر:
الغربي، الذي
يسعى اليه شعراء المجموعة . حين
قرأت هذا الموضوع بلا ارادة مني توجهت
الى بعض الكتب التي في حوزتي فوجدت ُ ان
الاثار الكاملة للشاعر محمد الماغوط تم
تقديمها بأقل من صفحتين وبطريقة لا تُعد
اطلاقا مقاربة نقدية لنتاج الشاعر،
لغته، شاعريته، بل اضاءة مختصرة جدا عن
حياة الشاعر وظروفه العامة، وكذلك
الامر في تقديم الاعمال الكاملة للكاتب
المسرحي السوري سعد الله ونوس رغم انه
لا يضير في مثل هذه الحالات ان يجري
تقديم مستوفي للكاتب وابداعه وخاصة بعد
أن عايشها- بعد الطباعة- القراء والنقاد
ومتذوقي العمل الادبي.
وفي
المحصلة، هذا الديوان الجديد زمنيا
لاشك سيلقى نصيبه من الاهتمام ويكون
وثيقة جماعية لفعل المنفى في روح الشاعر
وقلمه . وربما، لا اكون مجحفة أن قلت بأنه تكثر في الأوساط العراقية الثقافية ظاهرة نفي الأخر ومحاولة تهميشه او تهشيمه ان اقتضت ْالضرورة، والمتتبع لأحاديث الشعراء في الصحف يجد كماً لاباس به من هذه الظواهر اللاصحية... وللاسف . |